كان كبير القدر ، شجاعا ، مقداما ، كريما ، محتشما ، كثير البرّ والصّدقات والمعروف. يخرج في السّنة أكثر من مائة ألف في أنواع القربات ، ويطلق ، ويتطلّب معالي الأخلاق.
وكان مقتصدا في ملبسه ، لا يتعدّى القباء النّصافيّ. وكان كثير الأدب مع الفقراء ، محسنا إليهم إلى الغاية. حضر مرّة سماعا ، فحصل للمغاني منه ومن حاشيته نحو ستّة آلاف درهم.
وقد حبسه الملك المعزّ سنة ثلاث وخمسين فبقي مدّة ، وأشاع المعزّ موته لأنّ الرّسول نجم الدّين الباذرائيّ طلب منه إطلاق آيدغديّ فقال : فات الأمر فيه ، وما بقي مولانا يراه إلّا في عرصات القيامة.
ولم يكن كذلك ، بل كان معتقلا مكرّما منعّما في قاعة من دور السّلطنة.
قال ابن واصل (١) : بلغني أنّ المعزّ كان يدخل إليه ويلعب معه بالشّطرنج. فبقي حتّى أخرجه الملك المظفّر نوبة عين جالوت.
واجتمع به البندقداريّ فأطلعه على ما عزم عليه من الفتك بالمظفّر ، فنهاه ولم يوافقه فلمّا تملّك عظم عنده ووثق بدينه ، وكان عنده في أعلى المراتب ، يرجع إلى رأيه ومشورته لا سيّما في الأمور الدّينيّة (٢).
وجهّزه في هذه السّنة إلى بلد سيس فأغار وغنم وعاد في رمضان ثمّ توجّه إلى صفد.
وكان يبذل جهده ، ويتعرّض للشّهادة ، فجرح ، فبقي مدّة وأ لم الجراحة يتزايد ، فحمل إلى دمشق وتمرّض إلى أن توفي ليلة عرفة ، ودفن بمقبرة الرّباط النّاصريّ.
__________________
(١) في الجزء الضائع من «مفرّج الكروب».
(٢) وقال النويري : ومما يدلّ على ذلك ما تقدّم من إشارته بتولية الحكم لأربعة قضاة ، فرجع السلطان إلى رأيه ، وفعله لوقته. (نهاية الأرب ٣٠ / ١٣١).