الحرية ويمارسها ، وأمّا العربي الذي يعيش عيشة قبلية ، فقد كان شيخ القبيلة يملك زمام أُمورهم وشئونهم وعند موته يقوم أبناؤه وأولاده مكانه واحداً بعد الآخر ، فما معنى الحرية بعد هذا؟!
تحليل النظرية :
إنّ هذه النظرية وإن كانت تعترف بأنّ التشيّع عربي المولد والمنشأ ، ولكنّها تدّعي أنّه اصطبغ بصبغة فارسية بعد دخول الفرس في الإسلام ، وهذا هو الذي اختاره الدكتور أحمد أمين كما عرفت ولفيف من المستشرقين ك «فلهوزن» فيما ذهبوا إليه في تفسير نشأة التشيّع.
يقول الثانى : إنّ آراء الشيعة كانت تلائم الإيرانيين ، أمّا كون هذه الآراء قد انبثقت من الإيرانيين فليست تلك الملاءمة دليلاً عليه ، بل الروايات التاريخية تقول بعكس ذلك ؛ إذ تقول إنّ التشيّع الواضح الصريح كان قائماً أوّلاً في الأوساط العربية ، ثمّ انتقل بعد ذلك منها إلى الموالي ، وجمع بين هؤلاء وبين تلك الأوساط.
ولكن لمّا ارتبطت الشيعة العربية بالعناصر المضطهدة تخلّت عن تربية القومية العربية ، وكانت حلقة الارتباط هي الإسلام ، ولكنّه لم يكن ذلك الإسلام القديم ، بل نوعاً جديداً من الدين (١).
أقول : إنّ مراده أنّ التشيّع كان في عصر الرسول وبعده بمعنى الحبّ والولاء لعليّ لكنّه انتقل بيد الفرس إلى معنى آخر وهو كون الخلافة أمراً وراثياً في بيت عليّ عليهالسلام وهو الذي يصرّح به الدكتور أحمد أمين في قوله : إنّ الفكر الفارسي استولى على التشيّع ، والمقصود من الاستيلاء هو جعل الخلافة أمراً وراثياً كما كان الأمر كذلك بين الفرس في عهد ملوك بني ساسان وغيرهم.
__________________
(١) الخوارج والشيعة : ١٦٩.