أدنى ، وهو تعبير عن منتهى القرب.
والضمائر كلُّها إلّا المجرور في (إِلى عَبْدِهِ) ترجع إلى جبرئيل الّذي كُنّي عنه بشديد القوى ، وأين هو من قربه صلىاللهعليهوآله منه سبحانه.
ومن التفسير الخاطئ هو إرجاع الضمير في قوله (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى) إلى النبيّ ، وتفسير الآية بقرب النبي من الله على أقرب ما يمكن ، وبالتالي تصوّر انّ لله جهةً وقرباً وبعداً ، وبذلك يتّضح خطأ مَنْ فسّر الآية على نحو أثبت لله جهة وقرباً.
إنّ المرئي في قوله : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) حسب الآيات المتقدّمة هو الأُفق الأعلى ، والدنوّ والتدلّي والوحي ، وحسب الآية اللّاحقة هو آيات الربّ حيث قال : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) (١) ومن تلك الآيات هو جبرئيل الّذي هو شديد القوى ، وأين الآية من الدلالة على رؤية النبيّ ربّه.
ومن التفسير الخاطئ جعل المرئي في قوله : (ما رَأى) هو الربّ ، ومن حسن الحظّ أنّ السنّة أيضاً تفسّر الآية برؤية جبرئيل.
عن مسروق قال : «كنت متّكئاً عند عائشة فقالت : يا أبا عائشة! ثلاث من تكلّم بواحدة منهنّ فقد أعظم على الله الفِرية ، قلت : ما هُنّ؟ قالت : من زعم أنّ محمّداً صلىاللهعليهوآله رأى ربّه فقد أعظم على الله الفرية ، قال : وكنت متّكئاً فجلست ، فقلت : يا أُمّ المؤمنين أنظريني ولا تعجليني! ألم يقل الله عزوجل : (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) (٢) و (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) (٣)؟ فقالت : أنا أوّل هذه الأُمّة سأل عن ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : «إنّما هو جبرئيل لم أره على صورته الّتي خُلق عليها غير هاتين المرّتين ، رأيته منهبطاً من السماء ساداً عِظَمُ خلقه ما بين السماء إلى الأرض ،
__________________
(١) النجم : ١٨.
(٢) التكوير : ٢٣.
(٣) النجم : ١٣.