بقوله تعالى : (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) (١) وقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) (٢) وقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) (٣) مع أنّ الاستشهاد في غير محلّه ؛ لأنّ كون اللفظة بمعنى الانتظار فيما إذا تعدّت بنفسها غير منكر ، وإنّما البحث فيما إذا كانت متعدية ب «إلى» ، فعلى ذلك يجب التركيز في إثبات كونها بمعنى الانتظار على الآيات والأشعار الّتي استعملت وتعدّت ب «إلى» وأُريد بها الانتظار.
* * *
الثامن : يقع بعض السطحيين في تفسير المقطع الأوّل من آيات سورة «النجم» في خطأين : خطأ في إثبات الجهة لله سبحانه ، وخطأ في إثبات الرؤية للنبي ، وإليك الآيات ، ثمّ الإشارة إلى مواضع الاشتباه ، أعني قوله سبحانه :
(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى * وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى * ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى * فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى * ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى * أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى * ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى * لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) (٤).
إنّ الجمل التالية : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) إلى قوله : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) يؤكّد على شدّة اقتراب النبيّ من جبرئيل ، أي على بُعد ما بين القوسين أو
__________________
(١) يس : ٤٩.
(٢) الأعراف : ٥٣.
(٣) البقرة : ٢١٠.
(٤) النجم : ١ ـ ١٨.