(٨)
الرؤية القلبيّة
كان المرتقب من أئمة الحديث والكلام الإشارة إلى قسم آخر من الرؤية الّذي لا يتوقّف على الأعين والأبصار ، ينالُها الأمثل فالأمثل من المؤمنين ، قال سبحانه : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) (١) ، فمن علم عين اليقين يرى لهيب الجحيم من هذه النشأة لا بعين مادية ولا بصر جسماني ، إنّما هي رؤية أخبر عنها الكتاب ، ولا تتوقّف على الجهة والمقابلة ، ولا التجسيم والمشابهة ، وليس المراد من الرؤية في الآية العلمَ القطعيّ ؛ فإنّ العلم إن كان قطعياً غير الرؤية ، قال سبحانه : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (٢).
قال العلّامة الطباطبائي : إنّه تعالى يُثبت في كلامه قسماً من الرؤية والمشاهدة وراء الرؤية البصرية الحسّية ؛ وهي نوع شعور في الإنسان ، يشعر بالشيء بنفسه من غير استعمال آلة حسية أو فكرية ، وفي ضوء ذلك إنّ للإنسان
__________________
(١) التكاثر : ٥ ـ ٧.
(٢) الأنعام : ٧٥.