وأمّا من جاء بعد أُولئك المؤرّخين وأخذوا ما أورده السابقون مأخذ التسليم فنذكر منهم :
٤ ـ محمّد رشيد رضا ، مؤسس مجلة المنار (ت ١٣٥٤ ه) ، ذكره في كتابه «السنّة والشيعة» وقال : وكان مبتدع أُصوله (أي التشيّع) يهودي اسمه عبد الله بن سبأ ، أظهر الإسلام خداعاً ، ودعا إلى الغلو في عليّ كرم الله وجهه ، لأجل تفريق هذه الأُمّة ، وإفساد دينها ودنياها عليها ، ثمّ سرد القصّة وقال : ومن راجع أخبار واقعة الجمل في تاريخ ابن الأثير مثلاً يرى مبلغ تأثير إفساد السبئيين دون ما كاد يقع من الصلح (١).
٥ ـ أحمد أمين (ت ١٣٧٢ ه) ، وهو الذي استبطل عبد الله بن سبأ في كتابه «فجر الإسلام» وقال : إنّ ابن السوداء كان يهوديّاً من صنعاء ، أظهر الإسلام في عهد عثمان ، وحاول أن يفسد على المسلمين دينهم ، وبثّ في البلاد عقائد كثيرة ضارّة ، وقد طاف في بلاد كثيرة ، في الحجاز ، والبصرة ، والكوفة ، والشام ، ومصر. ثمّ ذكر أنّ أبا ذر تلقّى فكرة الاشتراكية من ذلك اليهودي ، وهو تلقّى هذه الفكرة من مزدكيّي العراق أو اليمن.
وقد كان لكتاب «فجر الإسلام» عام انتشاره (١٩٥٢ م) دويّ واسع النطاق في الأوساط الإسلامية ؛ فإنّه أوّل من ألقى الحجر في المياه الراكدة بشكل واسع ، وقد ردّ عليه أعلام العصر بأنواع الردود ، فألّف الشيخ المصلح كاشف الغطاء «أصل الشيعة وأُصولها» ردّاً عليه ، كما ردّ عليه العلامة الشيخ عبد الله السبيتي
__________________
استماله قوم من الأشرار انقطعوا إليه ، منهم عبد الله بن سبأ ويعرف بابن السوداء كان يهوديّاً وهاجر أيّام عثمان فلم يحسن إسلامه وأُخرج من البصرة ... تاريخ ابن خلدون أو كتاب العبر ٢ : ١٣٩ ، وقال : ١٦٦ : هذا أمر الجمل ملخّص من كتاب أبي جعفر الطبري اعتمدناه للوثوق به ولسلامته من الأهواء.
(١) السنّة والشيعة : ٤ ، ٦ ، ٤٥ ، ٤٩ و ١٠٣.