وصل إلى القلزم دسّ إليه معاوية السمّ بواسطة أحد عملائه فتوفّي مسموماً» (١).
هذا هو الذي ذكره الطبري ، وقد أخذه من جاء بعده من المؤرّخين وكتّاب المقالات حقيقة راهنة ، وبنوا عليه ما بنوا من الأفكار والآراء ، فصارت الشيعة وليدة السبئية في زعم هؤلاء عبر القرون والأجيال.
ومن الذين وقعوا في هذا الخطأ الفاحش دون فحص وتأمل في حقائق الأُمور :
١ ـ ابن الأثير (ت ٦٣٠ ه) ، فقد أورد القصّة منبثّة بين حوادث (٣٠ ـ ٣٦ ه) وهو وإن لم يذكر المصدر في المقام ، لكنّه يصدر عن تاريخ الطبري في حوادث القرون الثلاثة الأُول (٢).
٢ ـ ابن كثير الشامي (ت ٧٧٤ ه) فقد ذكر القصّة في تأريخه «البداية والنهاية» وأسندها عند ما انتهى من سرد واقعة الجمل إلى تاريخ الطبري ، وقال : هذا ملخّص ما ذكره أبو جعفر بن جرير (٣).
٣ ـ ابن خلدون (ت ٨٠٨ ه) ، في تأريخه «المبتدأ والخبر» أورد القصّة في حادثة الدار والجمل وقال : هذا أمر الجمل ملخّصاً من كتاب أبي جعفر الطبرى (٤).
__________________
(١) ملك العرب ، أحد الأشراف والأبطال. الطبقات الكبرى ٦ : ٢١٣ ، الإصابة ٣ : ٤٥٩ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٣٤.
(٢) لاحظ مقدّمة تاريخ الكامل يقول فيه : فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنّفه الإمام أبو جعفر الطبري ؛ إذ هو الكتاب المعوّل عند الكافّة عليه ، والمرجوع عند الاختلاف إليه فأخذت ما فيه جميع تراجمه ، لم أخل بترجمة واحدة منها. لاحظ ١ : ٣ ط دار صادر.
(٣) البداية والنهاية ٧ : ٢٤٦ ط دار الفكر ـ بيروت.
(٤) تاريخ ابن خلدون يقول : «وبعث (عثمان) إلى الأمصار من يأتيه بصحيح الخبر : محمد بن مسلمة إلى الكوفة ، وأُسامة بن زيد إلى البصرة ، وعبد الله بن عمر إلى الشام وعمار بن ياسر إلى مصر وغيرهم إلى سوى هذه ، فرجعوا إليه فقالوا : ما أنكرنا شيئاً ولا أنكره أعيان المسلمين ولا عوامّهم إلّا عماراً فإنّه