وعواصم بلادهم : الشام ، والكوفة ، والبصرة ، ومصر ، مبشّراً بأنّ للنبيّ الأكرم رجعة كما أنّ لعيسى بن مريم رجعة ، وأنّ عليّاً هو وصي محمّد صلىاللهعليهوآله كما كان لكل نبيّ وصي ، وأنّ عليّاً خاتم الأوصياء كما أنّ محمّداً خاتم الأنبياء ، وأنّ عثمان غاصب حقّ هذا الوصيّ وظالمه ، فيجب مناهضته لإرجاع الحقّ إلى أهله».
«إنّ عبد الله بن سبأ بثّ في البلاد الإسلامية دعاته ، وأشار عليهم أن يظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والطعن في الأُمراء ، فمال إليه وتبعه على ذلك جماعات من المسلمين ، فيهم الصحابي الكبير والتابعي الصالح من أمثال أبي ذر ، وعمّار بن ياسر ، ومحمّد بن حذيفة ، وعبد الرحمن بن عديس ، ومحمّد بن أبي بكر ، وصعصعة بن صوحان العبدي ، ومالك الأشتر ، إلى غيرهم من أبرار المسلمين وأخيارهم ، فكانت السبئية تثير الناس على ولاتهم ، تنفيذاً لخطّة زعيمها ، وتضع كتباً في عيوب الأُمراء وترسل إلى غير مصرهم من الأمصار. فنتج عن ذلك قيام جماعات من المسلمين ـ بتحريض السبئيين ـ وقدومهم إلى المدينة وحصرهم عثمان في داره ، حتّى قتل فيها ، كلّ ذلك كان بقيادة السبئيّين ومباشرتهم».
«إنّ المسلمين بعد ما بايعوا عليّاً ، ونكث طلحة والزبير بيعته وخرجا إلى البصرة ، رأى السبئيّون أنّ رؤساء الجيشين أخذوا يتفاهمون ، وأنّه إنّ تمّ ذلك سيؤخذون بدم عثمان ، فاجتمعوا ليلاً وقرّروا أنّ يندسّوا بين الجيشين ويثيروا الحرب بكرة دون علم غيرهم ، وأنّهم استطاعوا أنّ ينفّذوا هذا القرار الخطير في غلس الليل قبل أن ينتبه الجيشان المتقاتلان ، فناوش المندسّون من السياسيين في جيش عليّ من كان بإزائهم من جيش البصرة ، ففزع الجيشان وفزع رؤساؤهما ، وظنّ كلّ بخصمه شرّاً ، ثمّ إنّ حرب البصرة وقعت بهذا الطريق ، دون أن يكون لرؤساء الجيشين رأي أو علم».