روى الطبري عن هذا الوهم في موضع آخر من كتابه :
«فيما كتب به إليّ السريّ ، عن شعيب ، عن سيف ، عن عطيّة ، عن يزيد الفقعسي ، قال : كان عبد الله بن سبأ يهوديّاً من أهل صنعاء أُمّه سوداء ، فأسلم زمان عثمان ، ثمّ تنقّل في بلدان المسلمين يحاول إضلالهم ، فبدأ بالحجاز ، ثمّ البصرة ، ثمّ الكوفة ، ثمّ الشام ، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام ، فأخرجوه حتّى أتى مصر فاعتمر فيهم ، فقال لهم فيما يقول : العجب فيمن يزعم أنّ عيسى يرجع ويكذب بأنّ محمداً يرجع ، وقد قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) (١) ، فمحمّد أحقّ بالرجوع من عيسى. قال : فَقُبِل ذلك عنه ، ووضع لهم الرجعة فتكلّموا فيها ، ثمّ قال لهم بعد ذلك : إنّه كان ألف نبيّ ، ولكلّ نبيّ وصيّ ، وكان عليّ وصي محمّد. ثمّ قال : محمّد خاتم الأنبياء وعليّ خاتم الأوصياء. ثمّ قال بعد ذلك : من أظلم ممّن لم يجز وصية رسول الله صلىاللهعليهوآله ووثب على وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وتناول أمر الأُمّة. ثمّ قال لهم بعد ذلك : إنّ عثمان أخذها بغير حق وهذا وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله فانهضوا في هذا الأمر فحرّكوه ، وابدأوا بالطعن على أُمرائكم ، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا الناس ، وادعوهم إلى هذا الأمر. فبثّ دعاته ، وكاتب من كان استفسد في الأمصار وكاتبوه ، ودعوا في السرّ إلى ما عليه رأيهم ، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجعلوا يكتبون إلى الأمصار بكتب يضعونها في عيوب ولاتهم ، ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذلك ، ويكتب أهل كل مصر منهم إلى مصر آخر بما يصنعون ، فيقرأه أُولئك في أمصارهم ، وهؤلاء في أمصارهم ، حتّى تناولوا بذلك المدينة وأوسعوا الأرض إذاعة ، وهم يريدون غير ما يظهرون ، ويسرّون غير ما يبدون ... إلى آخر ما يذكره الطبري في المقام» حتّى يتوقّف عن إيراد هذه الأحداث بعد حرب الجمل
__________________
(١) القصص : ٨٥.