قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) (١) ولكن إنْ أراد أنّ القضايا العقلية البديهية تتبدّل في الآخرة إلى نقيضها فهذا يوجب انهيار النُّظم الكلامية والفلسفيّة والأساليب العلميّة التي يعتمد عليها المفكّرون من أتباع الشرائع وغيرهم ؛ إذ معنى ذلك أنّ النتائج المثبتة في جدول الضرب سوف تتبدّل في الآخرة إلى ما يباينها فتكون نتيجة ضرب ٢ × ٢ = ٥ أو ١٠ أو ٠٠٠ وأنّ قولنا : كلّ ممكن يحتاج إلى علّة يتبدّل في الآخرة إلى أنّ الممكن غنيّ عن العلّة.
فعند ذلك لا يستقرّ حجر على حجر وتنهار جميع المناهج الفكرية ، ويصير الإنسان سفسطائياً مائة بالمائة.
٣ ـ عدم الاكتراث بإثبات الجهة :
إنّ أساتذة الجامعات الإسلامية في الرياض ومكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة بدلاً من أنْ يُجهدوا أنفسهم في فهم المعارف ، ويتجرّدوا في مقام التحليل عن الآراء المسبقة ، نراهم يقدّمون لطلبة الجامعات وخرّيجيها دعماً مالياً وفكرياً لمواصلة البحوث حول الرؤية في محاولة لإثباتها وإثبات الجهة لله تعالى ، وإليك نموذجاً من ذلك :
يقول الدكتور أحمد بن محمّد خريج جامعة أُمّ القرى : إنّ إثبات رؤية حقيقيّة بالعيان من غير مقابلة أو جهة ، مكابرة عقليّة ؛ لأنّ الجهة من لوازم الرؤية ، وإثبات اللزوم ونفي اللّازم مغالطة ظاهرة.
ومع هذا الاعتراف تخلّص عن الالتزام بإثبات الجهة لله بقوله :
إنّ إثبات صفة العلوّ لله تبارك وتعالى ورد في الكتاب والسنّة في مواضع كثيرة جداً ، فلا حرج في إثبات رؤية الله تعالى من هذا العلوّ الثابت له تبارك وتعالى ،
__________________
(١) البقرة : ٢٥.