ولا يقدح هذا في التنزيه ؛ لأنّ مَن أثبتَ هذا أعلم البشر بما يستحقّ الله تعالى من صفات الكلمات.
أمّا لفظ الجهة فهو من الألفاظ المجملة التي لم يرِد نفيها ولا إثباتها بالنصّ فتأخذ حكم مثل هذه الألفاظ (١).
ويلاحظ على هذا الكلام ما يلي :
أوّلاً : كيف ادّعى أنّ الكتاب والسنّة أثبتا العلوّ لله الّذي هو مساوق للجهة ؛ فإن أراد قوله سبحانه : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) (٢) فقد حُقّقَ في محلّه بأنّ استواءه على العرش كناية عن استيلائه على السماوات والأرض وعدم عجزه عن التدبير. وأين هو من إثبات العلوّ لله ، وقد أوضحنا مفادَ هذه الآيات في أسفارنا الكلاميّة (٣).
وإنْ أراد ما جمعه ابن خزيمة وأضرابه من حشويات المجسّمة والمشبّهة ، فكلّها بدع يهودية أو مجوسية تسرّبت إلى المسلمين ويرفضها القرآن الكريم ، وروايات أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
ثانياً : إذا افترضنا صحّة كونه موجوداً في جهة عالية ينظر إلى السماوات والأرض فكيف يكون محيطاً بكلّ شيء وموجوداً مع كلّ شيء ، فإذا كان هذا معنى التنزيه فسلامٌ على التجسيم.
ونِعْمَ ما قال شاعر المعرّة :
فيا موت زر إنّ الحياة ذميمةٌ |
|
ويا نفسُ جُدّي إنّ دهرك هازلُ |
__________________
(١) أحمد بن ناصر ، رؤية الله تعالى : ص ٦١ ، نشر معهد البحوث العلميّة في مكّة المكرّمة.
(٢) الرعد : ٢.
(٣) الالهيّات ١ : ٣٣٠ ـ ٣٤٠.