ولقائل أن يسأل الرازي : أنّه لو وقعت الرؤية على ذاته سبحانه فهل تقع على كلِّه أو بعضه؟ فلو وقعت على الكلّ تكون ذاته محاطة لا محيطة ؛ وهذا باطل بالضرورة ، ولو وقعت على الجزء تكون ذاته ذات جزء مركب.
وممّا ذكرنا يتبيّن ركاكة ما استدلّ به الرازي على كلامه.
المحاولة اليائسة في تجويز الرؤية
إنّ مفكّري الأشاعرة الّذين لهم أقدام راسخة في المسائل العقليّة لمّا وقعوا في تناقض من جرّاء هذا الدليل ذهبوا إلى الجمع بين الرؤية والتنزيه ، وإليك بيان ذلك :
١ ـ الرؤية بلا كيف :
هذا العنوان هو الّذي يجده القارئ في كتب الأشاعرة ، وربما يعبّر عنه خصومهم بالبلكفة ، ومعناه أنّ الله تعالى يرى بلا كيف وأنّ المؤمنين في الجنّة يرونه بلا كيف ، أي منزّهاً عن المقابلة والجهة والمكان.
يلاحظ عليه : أنّ تمنّي الرؤية بلا مقابلة ولا جهة ولا مكان ، أشبه برسم أسد بلا رأس ولا ذنب على جسم بطل ، فالرؤية الّتي لا يكون المرئي فيها مقابلاً للرائي ولا متحقّقاً في مكان ولا متحيّزاً في جهة كيف تكون رؤيته بالعيون والأبصار.
والحقّ أنّ اعتماد الأشاعرة على أهل الحديث في قولهم «بلا كيف» مهزلة لا يُعتمد عليها ؛ فإنّ الكيفية ربّما تكون من مقوّمات الشيء ، ولولاها لما كان له أثر ، فمثلاً عند ما يقولون : إنّ لله يداً ورجلاً وعيناً وسمعاً بلا كيف ويصرّحون بوجود واقعيات هذه الصفات حسب معانيها اللغوية لكن بلا كيفية ، فإنّه يلاحظ عليه ، بأنّ اليد في اللغة العربيّة وضعت للجارحة حسبما لها من الكيفية ؛ فإثبات اليد لله