كُفُواً أَحَدٌ) (١).
وقد جاء في الأثر أنّ جماعة من أهل الكتاب سألوا النبيّ صلىاللهعليهوآله وقالوا : انسب لنا ربّك ، فنزلت سورة التوحيد (٢).
فالعقيدة الإسلامية في هذا المجال واضحة المفاهيم ، جليّة المعالم ، لا يكسوها إبهام ولا يسترها لغز ، فيخرج المسلم في مقام الوصف وتبيين العقيدة مرفوع الرأس ، فللعقيدة براهينها الواضحة التي يمكن أن يقف عليها كل من درسها.
وأمّا لو سُئل النصراني عن ذلك ، فإنه يتلعثم في بيان عقيدته ، فتارةً يقول : إنّه واحد وفي الوقت نفسه ثلاثة ، ثمّ يضيف أنه لا منافاة بين كون الشيء واحداً وكثيراً.
ومن المعلوم أنّ هذه العقيدة بهذا الإبهام والإجمال لا تقبلها الطباع السليمة ؛ إذ كيف تُذْعِن بأنه سبحانه واحد لا نظير له ولا مثيل ولا ندّ ، ولكنه مع ذلك له أنداد ثلاثة وأمثال متعدّدة ، فهذه العقيدة يناقض أوّلها آخرَها ويردّ آخرُها أوّلها ، فهو سبحانه إمّا واحد لا نظير له وإمّا كثير له أمثال.
وقِس على ذلك سائر المواضيع في العقيدة الإسلامية وقابِلْها مع ما تقول سائر الشرائع فيها ، ترى تلك الصفة بنفسها في العقيدة الإسلامية ، ونقيضها في غيرها.
إنّ من العوامل التي ساعدت على سرعة انتشار الإسلام في مختلف الحضارات وتغلغله بين الأوساط ، اتّصافه بسهولة العقيدة ويُسر التكليف.
يقول الأُستاذ الشيخ محمّد محمّد المدني :
يقول الله عزوجل في حثّ العباد على التفكّر في خلقه وآثاره وما له من تصريف وتدبير : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ
__________________
(١) التوحيد : ١ ـ ٤.
(٢) الطبرسي ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٤ ، وهي باسم الإخلاص في نسخ القرآن الكريم المتداولة بين الناس.