أيّ حلّ لهذه الأحكام وما ذكرناه نماذج لما للعقل من دور ، وإلّا فالأحكام المستنبطة من العقل في مجالات مختلفة أكثر من ذلك.
ب ـ إنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد عند العدلية :
إنّ من أمعن في الكتاب والسنّة يقف على أنّ التشريع الإسلامي تابع لملاكات ؛ فلا واجب إلّا لمصلحة في فعله ولا حرام إلّا لمفسدة في اقترافه ، ويشهد بذلك كتاب الله في موارد :
يقول سبحانه : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (١) فالآية تعلّل حرمة الخبيثين باستتباعهما العداوة والبغضاء وصدّهما عن ذكر الله ، يقول سبحانه : (... وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ...) (٢).
إلى غير ذلك من الآيات التي تصرّح بملاكات الأحكام.
وقد تضافرت النصوص عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام على أنّ الأحكام الشرعية تخضع لملاكات ، قال الإمام الطاهر عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يبح أكلاً ولا شرباً إلّا لما فيه المنفعة والصلاح ، ولم يحرّم إلّا ما فيه الضرر والتلف والفساد» (٣).
وقال عليهالسلام في الدم : «إنّه يسيء الخلق ، ويورث القسوة للقلب ، وقلّة الرأفة والرحمة ، ولا يؤمن أن يقتل ولده ووالده» (٤).
وهذا باقر العلوم وإمامها عليهالسلام يقول : «إنّ مدمن الخمر كعابد وثن ، ويورثه
__________________
(١) المائدة : ٩١.
(٢) العنكبوت : ٤٥.
(٣) النوري ، مستدرك الوسائل ٣ : ٧١.
(٤) المجلسي ، بحار الأنوار ٦٢ : ١٦٥ / ٣.