الارتعاش ، ويهدم مروّته ، ويحمله إلى التجسّر على المحارم من سفك الدماء ، وركوب الزنا» (١).
وغيرها من النصوص المتضافرة عن أئمة الدين (٢).
فإذا كانت الأحكام تابعة لمصالح ومفاسد في الموضوع ، فالغاية المتوخّاة من تشريعها إنّما هي الوصول إليها ، أو التحرّز عنها ، وبما أنّ المصالح والمفاسد ليست على وزان واحد ، بل رُبّ واجب يسوغ في طريق إحرازه اقتراف بعض المحارم ، لاشتماله على مصلحة كبيرة لا يجوز تركها أصلاً ، ورُبّ حرام ذي مفسدة كبيرة ، لا يجوز اقترافه ، وإن استلزم ترك الواجب أو الواجبات.
ولأجل ذلك فقد عقد الفقهاء باباً خاصاً لتزاحم الأحكام وتصادمها في بعض الموارد ، فيقدّمون الأهم على المهم والأكثر مصلحة على الأقل منها ، والأعظم مفسدة على الأحقر منها ، وهكذا ... ويتوصلون في تمييز الأهم عن المهم ، بالطرق والأمارات التي تورث الاطمئنان ، وباب التزاحم في علم الأُصول غير التعارض فيه ، ولكلٍّ أحكام.
وقد أعان فتح هذا الباب على حلّ كثير من المشاكل الاجتماعية التي ربّما يتوهّم الجاهل أنّها تعرقل خطى المسلمين في معترك الحياة ، وأنّها من المعضلات التي لا تنحلّ أبداً ، ولنأتي على ذلك بمثال وهو :
إنّه قد أصبح تشريح بدن الإنسان في المختبرات من الضروريات الحيوية التي يتوقّف عليه نظام الطبّ الحديث ، فلا يتسنّى تعلّم الطبّ إلّا بالتشريح والاطّلاع على خفايا الأمراض والأدوية.
غير أنّ هذه المصلحة ، تصادمها مسألة احترام الإنسان حيّاً وميتاً ، إلى حدّ
__________________
(١) المجلسي ، بحار الأنوار ٦٢ : ١٦٤ / ٢.
(٢) راجع علل الشرائع للشيخ الصدوق فقد أورد فيه ما أثر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام في بيان علل التشريع.