والمتبادر من الحديث أنّ كلّ جزء من الأرض مسجد وطهور يُسجد عليه ويُقصد للتيمّم ، وعلى ذلك فالأرض تقصد للجهتين : للسجود تارةً ، وللتيمّم أُخرى.
وأمّا تفسير الرواية بأنّ العبادة والسجود لله سبحانه لا يختصّ بمكان دون مكان ، بل الأرض كلّها مسجد للمسلمين بخلاف غيرهم ؛ حيث خصّوا العبادة بالبِيَع والكنائس ، فهذا المعنى ليس مغايراً لما ذكرناه ؛ فإنّه إذا كانت الأرض على وجه الإطلاق مسجداً للمصلّي فيكون لازمه كون الأرض كلّها صالحة للعبادة ، فما ذكر معنى التزامي لما ذكرناه ، ويعرب عن كونه المراد ذكر «طهوراً» بعد «مسجداً» وجعلهما مفعولين ل «جُعلت» والنتيجة هو توصيف الأرض بوصفين : كونها مسجداً ، وكونها طهوراً ، وهذا هو الذي فهمه الجصّاص وقال : إنّ ما جعله من الأرض مسجداً هو الذي جعله طهوراً (١).
ومثله غيره من شرّاح الحديث.
تبريد الحصى للسجود عليها :
٢ ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : كنت أُصلّي مع النبيّ صلىاللهعليهوآله الظهر ، فآخذ قبضة من الحصى ، فأجعلها في كفّي ثمّ أُحوّلها إلى الكفّ الأُخرى حتّى تبرد ثمّ أضعها لجبيني ، حتّى أسجد عليها من شدّة الحرّ (٢).
وعلّق عليه البيهقي بقوله : قال الشيخ : ولو جاز السجود على ثوب متّصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصى بالكفّ ووضعها للسجود (٣).
ونقول : ولو كان السجود على مطلق الثياب سواء كان متصلاً أم منفصلاً جائزاً
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٨٩ ط بيروت.
(٢) مسند أحمد ٣ : ٣٢٧ عن جابر ، سنن البيهقي ١ : ٤٣٩ باب ما روي في التعجيل بها في شدّة الحرّ.
(٣) سنن البيهقي ٢ : ١٠٥.