٣ ـ السنّة في السجود في عصر الرسول صلىاللهعليهوآله وبعده
إنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وصحبه كانوا ملتزمين بالسجود على الأرض مدّة لا يستهان بها ، متحمّلين شدّة الرمضاء ، وغبار التراب ، ورطوبة الطين ، طيلة أعوام. ولم يسجد أحد يوم ذاك على الثوب وكور العمامة ، بل ولا على الحصر والبواري والخمر ، وأقصى ما كان عندهم لرفع الأذى عن الجبهة ، هو تبريد الحصى بأكفّهم ثمّ السجود عليها ، وقد شكا بعضهم رسول الله صلىاللهعليهوآله من شدّة الحرّ ، فلم يجبه ؛ إذ لم يكن له أن يبدل الأمر الإلهي من تلقاء نفسه ، إلى أن وردت الرخصة بالسجود على الخمر والحصر ، فوسع الأمر للمسلمين لكن في إطار محدود ، وعلى ضوء هذا فقد مرّت في ذلك الوقت على المسلمين مرحلتان لا غير :
١ ـ ما كان الواجب فيها على المسلمين السجود على الأرض بأنواعها المختلفة من التراب والرمل والحصى والطين ، ولم تكن هناك أيّة رخصة.
٢ ـ المرحلة التي ورد فيها الرخصة بالسجود على نبات الأرض من الحصى والبواري والخمر ، تسهيلاً للأمر ، ورفعاً للحرج والمشقّة ، ولم تكن هناك أيّة مرحلة أُخرى توسع الأمر للمسلمين أكثر من ذلك كما يدّعيه البعض ، وإليك البيان :
المرحلة الاولى : السجود على الأرض :
١ ـ روى الفريقان عن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» (١).
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٩١ كتاب التيمّم الحديث ٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٣٣ باب : أينما أدركتك الصلاة فصلّ فهو مسجد ، ورواه غيرهما من أصحاب الصحاح والسنن.