ومن العجب أنّ الزرقاني يقوم بتصويب فتوى الخليفة ويعلّق على الرواية ويقول : الإتمام في قوله سبحانه : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) يقتضي استمرارَ الإحرام إلى فراغ الحجّ ومنع التحلّل ، والمتمتّع متحلّل ويستمتع بما كان محظوراً عليه (١).
يلاحظ عليه أولاً : لو صحّ ما ذكره من التفسير تلزم المعارضة بين صدر الآية ، أعني قوله : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وبين ذيلها الدّالّ على جواز التمتّع بين الإحرامين بقوله : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) وهو كما ترى.
وثانياً : أنّ الإتمام يهدف إلى فعل كلّ من الحجّ والعمرة تماماً ، بمعنى : إذا شرعتم في فعلِ كلّ فأتمّوه ، مثل قوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) (٢) وقوله سبحانه : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (٣) ، لا إلى الاستمرار.
وثالثاً : إذا كان التفسير تبريراً لنهي الخليفة ؛ فهو في الوقت نفسه تخطئة للنبيّ الأكرم ؛ حيث أمر أصحابه وأهل بيته بالتحلّل ، وإنّما هو لم يتحلّل لسوقه الهدي.
نعم أراد الخليفة من قوله : «فافصلوا حجّكم من عمرتكم» ، هو الإتيان بالعمرة في غير أشهر الحجّ. روى الجصّاص عن ابن عمر أنّ عمر قال : أن تُفرّقوا بين الحجّ والعمرة ؛ فتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج ، أتمّ لحجّ أحدكم (٤).
٦ ـ روى الإمام أحمد عن أبي نضرة عن جابر قال : متعتان كانتا على عهد النبيّ ، فنهانا عنها عمر رضى الله عنه فانتهينا (٥).
__________________
(١) تعليقة الزرقاني ، المطبوعة بهامش صحيح مسلم ٤ : ٣٨.
(٢) البقرة : ١٢٤.
(٣) البقرة : ١٨٧.
(٤) الجصاص ، أحكام القرآن ١ : ٢٨٥.
(٥) الإمام أحمد ، المسند ١ : ٥٢ و ٣ : ٣٢٥.