فلم يبق إلّا الطريق الثاني ، فيحصنان نفسهما عن التنقّل في بيوت الدعارة.
إنّ الدين الإسلامي هو الدين الخاتم ، ونبيّه خاتم الأنبياء ، وكتابه خاتم الكتب ، وشريعته خاتمة الشرائع ، فلا بدّ أن يضع لكلّ مشكلة اجتماعية حلولاً شرعية ، يصون بها كرامة المؤمن والمؤمنة ، وما المشكلة الجنسية عند الرجل والمرأة إلّا إحدى هذه النواحي التي لا يمكن للدين الإسلامي أن يهملها ، وعندئذ يطرح هذا السؤال نفسه :
ما ذا يفعل هؤلاء الطلبة والطالبات الذين لا يستطيعون القيام بالنكاح الدائم ، وتمنعهم كرامتهم ودينهم عن التنقّل في بيوت الدعارة والفساد ، والحياة الماديّة بجمالها تؤجّج نار الشهوة في نفوسهم؟ فمن المستحيل عادة أن يصون نفسه أحد إلّا من عصمه الله ، فلم يبق طريق إلّا زواج المتعة ، الذي يشكّل الحلّ الأنجع لتلافي الوقوع في الزنا ، وتبقى كلمة الإمام علي بن أبي طالب ترنّ في الآذان محذّرة من تفاقم هذا الأمر عند إهمال العلاج الذي وصفه المشرّع الحكيم له ، حيث قال عليهالسلام : «لو لا نهي عمر عن المتعة لما زنى إلّا شقيّ أو شقيّة».
وأمّا تشبيه المتعة بما جاء في الشعر فهو يعرب عن جهل الرجل بحقيقة نكاح المتعة وحدودها ، فإنّ ما جاء فيه هي المتعة الدورية التي ينسبها الرجل (١) وغيره إلى الشيعة ، وهم براء من هذا الإفك ؛ إذ يجب على المتمتّع بها بعد انتهاء المدّة الاعتداد على ما ذكرنا ، فكيف يمكن أن تؤجّر نفسها كلّ طائفة من الزمن لرجل؟! سبحان الله! ما أجرأهم على الكذب على الشيعة والفرية عليهم ، وما مضمون الشعر إلّا جسارة على الوحي والتشريع الإلهي ، وقد اتّفقت كلمة المحدّثين والمفسّرين على التشريع ، وأنّه لو كان هناك نهي أو نسخ فإنّما هو بعد التشريع والعمل.
__________________
(١) لاحظ كتابه : السنّة والشيعة : ٦٥ ـ ٦٦.