إلى التفسير العلمي والتحليلي من أواخر القرن الرابع. فأوّل من ألّف من الشيعة على هذا المنهاج هو الشريف الرضي (٣٥٩ ـ ٤٠٦ ه) مؤلّف كتاب «حقائق التأويل» في عشرين جزءاً (١) ، ثمّ جاء بعده أخوه الشريف المرتضى فسلك مسلكه في أماليه المعروفة ب «الدرر والغرر» ، ثمّ توالى التأليف على هذا المنهاج من عصر الشيخ الأكبر الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه) مؤلّف «التبيان في تفسير القرآن» في عشرة أجزاء كبار ، إلى عصرنا هذا.
فقد قامت الشيعة في كلّ قرن بتأليف عشرات التفاسير وفق أساليب متنوّعة ، ولغات متعدّدة. لا يحصيها إلّا المتوغّل في المعاجم وبطون المكتبات.
ولقد فهرسنا على وجه موجز أسماء مشاهير المفسّرين من الشيعة وأعلامهم في ١٤ قرناً ، وفصّلنا كلّ قرن عن القرن الآخر ، واكتفينا بالمعروفين منهم ؛ لأنّ ذكر غيرهم عسير ومحوج إلى تأليف حافل. فبلغ عددهم (١٢٢) مفسّراً. ومن أراد الإلمام بذلك فعليه الرجوع إلى المقدّمة التي قدّمناها لتفسير التبيان للشيخ الطوسي ، ولأجل ذلك نطوي الكلام في المقام.
٨ ـ قدماء الشيعة وعلم الحديث
إنّ السنّة هي المصدر الثاني للثقافة الإسلامية بجميع مجالاتها ، ولم يكن شيء أوجب بعد كتابة القرآن وتدوينه وصيانته من نقص أو زيادة ، من كتابة حديث الرسول صلىاللهعليهوآله وتدوينه وصيانته من الدسّ والدجل ، وقد أمر به الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله غير مرّة ، فقد روى الإمام أحمد عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جدّه أنّه قال للنبيّ صلىاللهعليهوآله : يا رسول الله أكتب كلّ ما أسمع منك؟ قال : «نعم». قلت : في الرضا
__________________
(١) وللأسف لم توجد منه نسخة كاملة في عصرنا الحاضر إلّا الجزء الخامس وهو يكشف عن عظمة هذا السفر ويدل على جلالة المؤلّف.