متعدّدة ، يطلب لنفسه نمطاً آخر ، غير النمط المعروف بالتفسير الترتيبي ؛ فإنّ النمط الثاني يتّجه إلى تفسير القرآن سورة بعد سورة ، وآية بعد آية ، وأمّا النمط الأوّل فيحاول فيه المفسّر إيراد الآيات الواردة في موضوع خاصّ ، في مجال البحث ، وتفسير الجميع جملة واحدة وفي محلّ واحد.
فيستمدّ المفسّر من المعاجم المؤلّفة حول القرآن ، ومن غيرها ، في الوقوف على الآيات الواردة في جانب معيّن ، مثلاً في خلق السماء والأرض ، أو الإنسان ، أو أفعاله وحياته الأخروية ، فيفسّر المجموع مرّة واحدة ، ويرفع إبهام آية بآية أُخرى ، ويخرج بنتيجة واحدة ، وهذا النوع من التفسير وإن لم يهتم به القدماء واكتفوا منه بتفسير بعض الموضوعات كآيات الأحكام ، والناسخ والمنسوخ ، إلّا أنّ المتأخّرين منهم بذلوا جهدهم في طريقه ، ولعلّ العلّامة المجلسي (١٠٣٧ ـ ١١١٠ ه) كان أوّل من فتح هذا الباب على مصراعيه في موسوعته الموسومة ب «بحار الأنوار» ، حيث أورد في أوّل كل باب من أبواب كتابه المتخصّصة جملة الآيات الواردة حول موضوع الباب ، ثمّ لجأ إلى تفسيرها إجمالاً ، ثمّ أورد ما جمعه من الأحاديث التي لها صلة بالباب.
وقد قام كاتب هذه السطور بتفسير الآيات النازلة حول العقائد والمعارف وخرج منه حتّى الآن سبعة أجزاء وانتشر باسم «مفاهيم القرآن» نسأل الله تعالى التوفيق لإتمامه.
الشيعة والتفسير الترتيبي :
قد تعرّفت على أنّ المنهج الراسخ بين القدماء وأكثر المتأخّرين هو التفسير الترتيبي ، وقد قام فضلاء الشيعة من صحابة الإمام علي والتابعين له إلى العصر الحاضر بهذا النمط من التفسير ، إمّا بتفسير جميع سوره ، أو بعضها ، والغالب على التفاسير المعروفة في القرون الثلاثة الأُولى ، هو التفسير بالأثر ، ولكن انقلب النمط