إنّ مدرسة الشيعة منذ أن ارتحل النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله إلى يومنا هذا ، أنتجت تفاسير على أصعدة مختلفة ، وخدمت الذكر الحكيم بصور شتّى ، نأتي بوجه موجز ، لما ألّف في القرون الإسلامية الاولى.
إنّ أئمّة أهل البيت ـ بعد الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ـ هم المفسّرون الحقيقيون للقرآن الكريم ، حيث فسّروا القرآن بالعلوم التي نحلهم الرسول صلىاللهعليهوآله بأقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم التي لا تشذّ عن قول الرسول صلىاللهعليهوآله وفعله وحجته ، ومن الظلم الفادح أن نذكر الصحابة والتابعين في عداد المفسّرين ولا نعترف بحقوق أئمّة أهل البيت وهم عديله باتفاق الجميع.
وهذا ما فعله في كتابه محمّد حسين الذهبي ، جعل عليّاً ـ وهو الوصي وباب علم النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ في الطبقة الثالثة من حيث نقل الرواية عنه ، وجعل تلميذه ابن عباس في الدرجة الأُولى!! (١) ، ولم يذكر عن بقية الأئمّة شيئاً مع كثرة ما نقل عنهم في مجال التفسير من الروايات الوافرة.
أقول : ما إن ارتحل النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله حتّى عكف المسلمون على دراسة القرآن وتدبره ، بيد أنّهم وجدوا أنّ لفيفاً من المسلمين كانوا عاجزين عن فهم بعض ألفاظ القرآن. والقرآن وإن نزل بلغة الحجاز إلّا أنّه يحوي ألفاظاً غير رائجة فيها ، وربّما كانت رائجة بين القبائل الأُخرى ، وهذا النوع من الألفاظ ما سمّوه ب «غريب القرآن» وقد سأل ابن الأزرق ـ رأس الخوارج ـ ابن عبّاس عن شيء كثير من غريب القرآن وأجاب عنه مستشهداً بشعر العرب الأقحاح ، وقد جمعها السيوطي في إتقانه (٢).
وبما أنّ تفسير غريب القرآن كان الخطوة الأُولى لتفسيره ، فقد ألّف أصحابنا
__________________
(١) الذهبي ، التفسير والمفسّرون ١ : ٨٩ ـ ٩٠.
(٢) السيوطي ، الإتقان ٤ : ٥٥ ـ ٨٨.