ولسانه وذي فقاره» (١).
هذه الأبعاد التي ألمحنا إليها هي الأبعاد الطبيعية للشخصية العلوية.
البعد المعنوي لشخصيّة الإمام عليهالسلام :
غير أنّ أبعاد شخصية الإمام عليّ عليهالسلام لا تنحصر في هذه الأبعاد الثلاثة ؛ فإنّ لأولياء الله سبحانه بعداً رابعاً ، داخلاً في هويّة ذاتهم ، وحقيقة شخصيتهم ، وهذا البعد هو الذي ميّزهم عن سائر الشخصيات وأضفى عليهم بريقاً خاصّاً ولمعاناً عظيماً.
وهذا البعد هو البعد المعنوي الذي ميّز هذه الصفوة عن الناس ، وجعلهم نخبة ممتازة وثلّة مختارة من بين الناس ؛ وهو كونهم رسل الله وأنبياءه ، أو خلفاءه وأوصياء أنبيائه.
نرى أنّه سبحانه يأمر رسوله أن يصف نفسه بقوله : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (٢).
فقوله : (بَشَراً) إشارة إلى الأبعاد البشرية الموجودة في كلّ إنسان طبيعيّ ، وإن كانوا يختلفون فيها فيما بينهم كمالاً ولمعاناً.
وقوله : (رَسُولاً) إشارة إلى ذلك البعد المعنوي الذي ميّزه صلىاللهعليهوآله عن الناس وجعله معلّماً وقدوة للبشر ، فلأجل ذلك يقف المرء في تحديد الشخصيات الإلهية على شخصية مركّبة من بعدين : طبيعي وإلهي ولا يقدر على توصيفها إلّا بنفس ما وصفهم به الله سبحانه مثل قوله في شأن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي
__________________
(١) الإمام علي صوت العدالة الإنسانية ١ : ٤٩.
(٢) الإسراء : ٩٣.