فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنّة؟ فقال : هذا الشيطان أيس من عبادته ، ثمّ قال له :
«إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلّا أنّك لست بنبيّ ولكنّك وزير» (١).
هذا هو الرافد الثاني الذي كان يرفد الشخصية العلوية بالأخلاق والسجايا الرفيعة.
٣ ـ البيئة الرسالية وشخصية الإمام :
ولو أضفنا ذينك الأمرين (أي ما اكتسبه من والديه الطاهرين بالوراثة ، وما تلقّاه في حجر النبيّ) إلى ما أخذه من بيئة الرسالة والإسلام من أفكار وآراء رفيعة ، وتأثّر عنها أدركنا عظمة الشخصية العلوية من هذا الجانب.
ومن هنا يحظى الإمام عليّ عليهالسلام بمكانة مرموقة لدى الجميع ؛ مسلمين وغير مسلمين ؛ لما كان يتمتّع به من شخصية سامقة ، وخصوصيات خاصّة يتميّز بها.
وهذا هو ما دفع بالبعيد والقريب إلى أن يصف عليّاً بما لم يوصف به أحد من البشر ، ويخصّه بنعوت ، حرم منها غيره ، فهذا الدكتور شبلي شميل المتوفّى سنة ١٣٣٥ ه / ١٩١٧ م وهو من كبار المادّيين في القرن الحاضر يقول :
الإمام عليّ بن أبي طالب عظيم العظماء نسخة مفردة لم ير لها الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً (٢).
قال عمر بن الخطّاب :
«عقمت النساء أن يلدن مثل عليّ بن أبي طالب» (٣).
ويقول جورج جرداق الكاتب المسيحي اللبناني المعروف :
«وما ذا عليك يا دنيا لو حشدت قواك فأعطيت في كلّ زمن عليّاً بعقله وقلبه
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة القاصعة الرقم ١٨٧.
(٢) الإمام على صوت العدالة الإنسانية ١ : ٣٧.
(٣) الغدير ٦ : ٣٨ ط النجف.