فها هم المؤرّخون يقولون : كان عليّ يرافق النبيّ دائماً ولا يفارقه أبداً ، حتّى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان إذا خرج إلى الصحراء أو الجبل أخذ عليّاً معه (١).
يقول ابن أبي الحديد : وقد ذكر عليّ عليهالسلام هذا الأمر في الخطبة القاصعة إذ قال : «ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري» (٢).
إنّ هذه العبارة وإن كانت محتملة في مرافقته للنبيّ في حرّاء بعد البعثة الشريفة إلّا أنّ القرائن السابقة وكون مجاورة النبيّ بحراء كانت في الأغلب قبل البعثة ، تؤيّد أنّ هذه الجملة ، يمكن أن تكون إشارة إلى صحبة عليّ للنبيّ في حراء قبل البعثة.
إنّ طهارة النفسيّة العلوية ، ونقاوة الروح التي كان عليّ عليهالسلام يتحلّى بها ، والتربية المستمرّة التي كان يحظى بها في حجر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كل ذلك كان سبباً في أن يتّصف عليّ عليهالسلام ـ ومنذ نعومة أظفاره ـ ببصيرة نفّاذة وقلب مستنير ، وأُذن سميعة واعية تمكّنه من أن يرى أشياءَ ويسمع أمواجاً تخفى على الناس العاديين ، ويتعذّر عليهم سماعها ورؤيتها ، كما يصرّح نفسه بذلك إذ يقول :
«أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوّة» (٣).
يقول الإمام الصادق عليهالسلام :
«كان عليّ عليهالسلام يرى مع رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل الرسالة الضوء ، ويسمع الصوت».
وقد قال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : لو لا أنّي خاتم الأنبياء لكنتَ شريكاً في النبوّة ، فإن لا تكن نبيّاً فإنّك وصيّ نبيّ ووارثه ، بل أنت سيّد الأوصياء وإمام الأتقياء» (٤).
ويقول الإمام عليّ عليهالسلام : «لقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة ١٣ : ٢٠٨.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة القاصعة الرقم ١٨٧.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة ١٣ : ٣١٠.