على أن يكون ما هو متأخر متقدما إذ المقدمة لما كانت مقدمة للوجوب النفسي تكون متقدمة على وجوب الواجب النفسي بالطبع لكونها فى سلسلة العلل لوجوبه وترشح الوجوب الغيري الناشئ من الوجوب النفسي على المقدمة يستلزم تأخرها عن الوجوب النفسي بمرتبتين إذ لا يتعلق الوجوب الغيري بها إلا بمرتبة سابقة على وجودها فوجودها متأخر عن الوجوب الغيري المتأخر عن الوجوب النفسي ، نعم يشكل على هذا التقسيم بأنه ما من واجب إلا وان وجوبه مشروط بالشروط العامة كالبلوغ والعقل والقدرة والاختيار ، فحينئذ تكون جل الواجبات لو لم تكن كلها واجبات مشروطة فلا يصح التقسيم المذكور أي تقسيم الواجب الى المشروط والمطلق ، قال الاستاذ قدسسره في الكفاية ما لفظه ، (الظاهر ان وصفى الاطلاق والاشتراط وصفان اضافيان لا حقيقيان) (١) وإلّا لم يكد يوجد واجب مطلق ضرورة اشتراط وجود كل واجب ببعض الامور (لا اقل من الشرائط العامة كالبلوغ والعقل) ولكن لا يخفى ان هذا التقسيم بلحاظ توجه الخطاب ولا إشكال فى عدم صحة توجه الخطاب للفاقد لتلك الامور ، فخروج تلك الاشياء من الشرائط فى محل الكلام من باب التخصص.
وكيف كان الواجب المشروط عبارة من ان الوجوب ، معلق على وجود
__________________
(١) الظاهر ان من جعل الوصفين من الاوصاف الحقيقية يستثني الشرائط العامة كما هو صريح بعضهم فلا يرد النقص بها كما ان الاطلاق والاشتراط ليسا بالاضافة الى كل شيء كما ذكره (قدسسره) بقوله : (والحرى ان يقال ان الواجب مع كل شيء الخ) بل بالاضافة الى ما هو مقدمة للوجود مثلا الصلاة واجبة وجوبها مطلق بالاضافة الى الوضوء وغيره مما يتوقف عليه صحتها ووجودها وعليه تكون مقدمة الواجب دائما مقدمة وجود.