قلت : وكانت أمّه أيضا خوارزميّة ، وتزوّج منهم.
ثمّ طلع إلى الكرك واستولى حينئذ على القدس ونابلس وتلك النّاحية ، وهربت منه نوّاب صاحب مصر.
ثمّ راسلت الخوارزميّة الملك الصّالح إسماعيل ، وحلفوا له ، فسار إليهم ، واتّفقت كلمة الجميع على حرب صاحب مصر ، فقلق لذلك ، وطلب ركن الدّين بيبرس فقدم مصر فاعتقله وكان آخر العهد به (١). ثمّ خرج بعساكره فخيّم بالعبّاسيّة (٢) ، وكان قد نفّذ رسوله إلى المستعصم بالله يطلب تقليدا بمصر والشّام والشّرق ، فجاءه التّشريف والطّوق الذّهب والمركوب. فلبس التّشريف الأسود والعمامة والجبّة والفرس بالحلية الكاملة ، وكان يوما مشهودا.
ثمّ جاء الصّالح إسماعيل والخوارزميّة فنازلوا دمشق وليس بها كبير عسكر ، وبالقلعة الطّواشيّ رشيد ، وبالبلد نائبها حسام الدّين بن أبي عليّ الهذبانيّ ، فضبطها وقام بحفظها بنفسه ليلا ونهارا ، واشتدّ بها الغلاء ، وهلك أهلها جوعا ووباء.
وبلغني أنّ رجلا مات في الحبس فأكلوه ، كذلك حدّثني حسام الدّين بن أبيّ عليّ ، فعند ذلك اتّفق عسكر حلب والمنصور صاحب حمص على حرب الخوارزميّة وقصدوهم فتركوا حصار دمشق ، وساقوا أيضا يقصدونهم ، فالتقى الجمعان ، ووقع المصافّ في أوّل سنة أربع وأربعين على القصب ، وهي منزلة على بريد من حمص من قبليّها ، فاشتدّ القتال والصّالح إسماعيل مع الخوارزميّة فانكسروا عند ما قتل مقدّمهم الملك حسام الدّين بركة خان ، وانهزموا ولم تقم لهم بعدها قائمة. فقتل بركة خان مملوك من الحلبيّين ، وتشتّتت الخوارزميّة ، وخدم طائفة منهم بالشّام ، وطائفة بمصر ، وطائفة مع كشلوخان (٣) ذهبوا إلى
__________________
(١) مفرّج الكروب ٥ / ٣٥٠ ، ٣٥١.
(٢) في مفرّج الكروب ٥ / ٣٥١ «العباسية» وهو غلط.
(٣) في الأصل : «كسلوخان» بالسين المهملة. والتصحيح من : مفرّج الكروب ٥ / ٣٥٩.