ووصلت عساكر دمشق معه في أسوأ حال.
وأمّا بمصر فزيّنت زينة لم تزيّن مثلها ، وضربت البشائر ، ودخلت أسارى الفرنج والأمراء ، وكان يوما مشهودا بالقاهرة.
ثمّ عطف حسام الدّين ابن أبي عليّ وركن الدّين بيبرس فنازلوا عسقلان وحاصروا الفرنج الّذين تسلّموها ، فجرح حسام الدّين ، ثمّ ترحّلوا إلى نابلس ، وحكموا على فلسطين والأغوار ، إلّا عجلون فهي بيد سيف الدّين بن قليج نيابة للنّاصر داود (١). وبعث السّلطان الصّالح نجم الدّين وزيره معين الدّين ابن الشّيخ عليّ على جيشه ، وأقامه مقام نفسه ، وأنفذ معه الخزائن ، وحكّمه في الأمور ، وسار إلى الشّام ومعه الخوارزميّة ، فنازلوا دمشق وبها الصّالح والمنصور صاحب حمص ، فدلّ الصّالح إسماعيل فلم يظفر بطائل ورجع (٢).
واشتدّ الحصار على دمشق وأخذت بالأمان لقلّة من مع صاحبها ، ولفناء ما بالقلعة من الذّخائر ، ولتخلّي الحلبيّين عنه ، فترحّل الصّالح إسماعيل إلى بعلبكّ ، والمنصور إلى حمص. وتسلّم الصّاحب معين الدّين القلعة والبلد (٣).
ولمّا رأت الخوارزميّة أنّ السّلطان قد تملّك الشّام بهم وهزم أعداءه ، صار لهم عليه إدلال كبير ، مع ما تقدّم من نصرهم له على صاحب الموصل وهو بسنجار ، فطمعوا في الأحياز العظيمة ، فلمّا لم يحصلوا على شيء فسدت نيّتهم له ، وخرجوا عليه ، وكاتبوا الأمير ركن الدّين بيبرس البندقداريّ ، وهو أكبر أمراء الصّالح نجم الدّين ، وكان بغزّة ، فأصغى إليهم فيما قيل ، وراسلوا صاحب الكرك ، فنزل إليهم ووافقهم (٤).
__________________
(١) مفرّج الكروب ٥ / ٣٤٠ وفيه : «ولم يبق بيد الملك الناصر إلا الكرك والبلقاء والصلت وعجلون ، وهي بيد سيف الدين بن قليج».
(٢) العبارة هنا مبتورة غير واضحة. وفي مفرّج الكروب ٥ / ٣٤١ «وسيّر الملك الصالح إسماعيل وزيره أمين الدولة إلى بغداد مستشفعا بالخليفة المستعصم بالله ، ومتوسلا إليه ليصلح بينه وبين ابن أخيه السلطان الملك الصالح. ثم رجع من بغداد ولم يتحصّل من رسالته على طائل».
(٣) مفرّج الكروب ٥ / ٣٤٨.
(٤) مفرّج الكروب ٥ / ٣٤٩ ، ٣٥٠.