٢ ـ وعندما استدرك بقوله : «ولا يبعد أيضاً أن يُقال : إنّ بعض المحذوفات كان من قبيل التفسير والبيان ، ولم يكن من أجزاء القرآن ، فيكون التبديل من حيث المعنى ، أي : حرّفوه وغيّروه في تفسيره وتأويله ، أعني حملوه على خلاف ما هو به ، فمعنى قولهم عليهمالسلام : (كذا نزلت) ، أنّ المراد به ذلك ، لا أنّها نزلت مع هذه الزيادة في لفظها ، فحذف منها ذلك اللفظ»(٣٣).
٣ ـ وعندما قال : «ويرد على هذا كلّه إشكال ، وهو أنّه على هذا التقدير لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن ؛ إذ على هذا يحتمل كلّ آية منه أن تكون محرّفةً ومُغيّرةً ، ويكون على خلاف ما أنزل الله ، فلم يبق لنا في القرآن حجة أصلا فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك.
وأيضاً قال الله عزّ وجلّ : (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ)(٣٤).
وقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(٣٥) ، فكيف يتطرّق إليه التحريف والتغيير؟!
وأيضاً قد استفيض عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة عليهمالسلام حديث عرض الخبر المروي على كتاب الله ؛ ليعلم صحّته بموافقته له وفساده بمخالفته ، فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرّفاً فما فائدة العرض؟! مع أنّ خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب له ، فيجب ردّه ، والحكم بفساده ، أو
__________________
(١) تفسير الصافي ١ / ٥٢.
(٢) سورة فصلت ٤١ : ٤١ ـ ٤٢.
(٣) سورة الحجر ١٥ : ٩.