العصر ـ نزاع أدّى إلى العداوة ، وكان النّمري يوماً غائباً عن مجلس هارون الرشيد في جهة الرقّة ؛ فاغتنم العتّابي فرصة غيابه ، فجرى في أثناء حديثه مع الرشيد ذكر الشيعة فقرأ العتابي قصيدة للنمري في مدح أهل البيت وذمّ أعدائهم ، يقول فيها :
شاءٌ من الناس راتعٌ هامِلْ |
|
يُعلِّلونَ النفوسَ بالباطال |
إلى أن وصل إلى قوله :
ألا مساعير يغضبون لها |
|
بسلّةِ البيضِ والقَنا الذّابل |
سأله الرشيد : لمن هذا الشعر؟
فقال له العتّابي : هذا شعر عدوّك منصور النّمري الذي تحسب أنّه وليّك ، ثمّ قرأ تتمّة القصيدة ، حتّى وصل إلى الأبيات المتضمّنة تغلّب العبّاسيين على الملك ، وحثّ الناس على دفعهم ، فاستوى الرشيد جالساً وقال :
ويل لابن ... يرغّب الناس في الخروج علينا ، ويظهر موالاتنا ، ويبطن عداوتنا ، وقد وصلت إليه أموالاً كثيرة من جهتنا ونال منزلة عندنا لم يصل إليها أحد من أقرانه.
قال ابن المعتزّ : وفي الحقيقة أنَّ النّمري كان يتديّن في السِّرّ بدين الإمامية ، ويمدح أهل البيت ، ويتعرّض في شعره للسلف ، ولم يكن الرشيد يعلم ذلك ، حتّى قرأ له العتّابي هذه القصيدة ، ثمّ قرأ له قصائد في حقّ آل أبي طالب ؛ فغضب هارون غضباً شديداً ، وأمر أبا عصمة أحد قوّاده أن يذهب من فوره إلى الرقّة ويأخذ منصور النّمري ويقطع لسانه ، ويقتله ، ويبعث إليه برأسه ، فلمّا وصل أبو عصمة إلى باب الرقّة رأى جنازة النّمري