فلمّا قلت :
وقد عَلِمَ العُدوان والجور والخنا |
|
بأنّك عيّافٌ لهن مزايلُ(١) |
ولو عَلِموا فِينا بأمرِك لم يكن |
|
ينال برِيّاً بالأذى متناولُ |
لنا منك أرحام ونعتدُّ طاعةً |
|
وبأساً إذا اصطكّ القنا والقَنابلُ(٢) |
وما يحفظ الأنسابَ مثلَك حافظٌ |
|
ولا يصِلُ الأرحامَ مثلُكَ واصلُ |
جَعلناكَ ، فامنعنا ، معاذاً ومفزعاً |
|
لنا حين عضّتنا الخطوبُ الجلائلُ(٣) |
وأنت إذا عاذت بوجهِكَ عُوَّذ |
|
تطامَن خوفٌ واستقرّتْ بلابلُ(٤) |
فقال الجلساء : أحسن والله الأعرابي يا أمير المؤمنين.
فقال الرشيد : يُرفع السيف عن ربيعة ويُحسَن إليهم(٥).
الرشيد في شعر النّمري :
وروى الأصبهاني ، عن الراوية البيدق ، قال : دخلت على الرشيد وعنده الفضل بن الربيع ، ويزيد بن مزيد ، وبين يديه خوان لطيف عليه جديان ، ورُغفان سميد ، ودجاجتان ، فقال لي : أنشدني. فأنشدته قصيدة النّمري العينية ، فلمّا بلغت إلى قوله :
أيُّ امرىء بَات مِن هارون في سَخَط |
|
فليسَ بالصلواتِ الخمس ينتفعُ |
إن المكارمَ والمعروفَ أوديةٌ |
|
أحلّكَ اللهُ مِنها حَيثُ تتسعُ |
إذا رفعت امرأً فالله يرفعه |
|
ومَن وَضَعْتَ من الأقوامِ مُتّضعُ |
__________________
(١) العيّاف : الشديد الكراهة. المزايل : المفارق.
(٢) القَنابل : ـ بفتح القاف ـ : جمع قنبلة ، الطائفة من الناس والخيل.
(٣) الجلائل : العظيمات.
(٤) العوّذ : جمع عائذ : وهو الملتجئ. البلابل : الوساوس والهواجس.
(٥) الأغاني : ١٣ / ١٥٣.