ما توقّفت على الإيجاب والقبول ، فلا تأييد فيه للقول بكون البيع نفس العقد. ولأنّ البيع فعلٌ فلا يكون انتقالاً ؛ لأنّه انفعال ولا عقداً لما تعرفه إن شاء الله تعالى ، ولأنّه لفظ من مقولة الكيف ، والمقولات العشرة متباينة ، فلا يصدق بعضها على بعض. وحمل العقد على المعنى المصدري ليكون فعلاً بعيد جدّاً فإنّ المفهوم منه اصطلاحاً هو المعنى الاسمي لا المصدري. ولأنّ الانتقال أثر البيع وغايته المترتّبة عليه ، والعقد سببه المؤدّي ، والسبب غير المسبّب ، فيمتنع تعريف أحدهما بالآخر ، بالقول عليه وإن جاز أخذه قيداً للمقول. ولأنّ النقل هو الموافق لتصاريف البيع ، وما يشتقّ من الأفعال والصفات بخلاف غيره ، إذ لا يراد ببعتُ مثلاً معنى الانتقال ، كما هو ظاهر ، ولا العقد ، وإلاّ لكان إيجاباً وقبولاً معاً ، وهو معلوم البطلان. وكذا البائع فإنّه ليس بمعنى المنتقل ولا بمعنى الموجب والمقابل ، والمطّرد في الجميع هو النقل. فيكون البيع موضوعاً له إجراء له على الأصل من لزوم التوافق مع الإمكان. فلا يقدح تخلّفه في النكاح ، لثبوت وضعه للعقد ، وامتناع الموافقة في أنكحت ونحوه ، فوجب صرفه إلى معنى آخر ، كتمليك الانتفاع ، والتسليط على الوطيء وغيرهما ممّا يناسب العقد ، بخلاف المقام الذي لم يثبت وضعه فيه للعقد»(١).
وهذا المستوى من النقاش العلمي في طول المواضيع الفقهية التي آمنت بها الإمامية ، وضع الفقه الاستدلالي الشيعي على قمّة الفكر الديني في العالم.
٨ ـ الشيخ مرتضى الانصاري (ت ١٢٨١ هـ) ، من نوابغ الفقهاء ،
__________________
(١) جواهر الكلام ٢٢ / ٢٠٦.