استعرض بعد ذلك ما أجمع عليه فقهاء المذهب حول نجاستهم ، ثمّ حاول أخيراً الاستدلال على رأيه الفقهي حول الموضوع. فقال في مناقشة نجاسة النواصب ـ الذين ينتحلون الإسلام ولكنّهم يظهرون البغض لأهل البيت عليهمالسلام ـ : «والمستفاد من كثير من العبارات بل المصرّح به في كلام جماعة(١) نجاسة المنكر لما يعلم ثبوته أو نفيه من الدين ضرورة. وهو مشكل ؛ لأنّا وإن قلنا بكفر ذلك ، ولكن لا دليل على نجاسة الكافر مطلقاً بحيث يشمل المقام. وشمول الإجماعات المنقولة لمثله غير معلوم. فإنّ ظاهر بعض كلماتهم أنّ مرادهم من الكفّار بالإطلاق غير فِرْق الإسلام. ألا ترى الفاضل قال في المنتهى ـ بعد دعوى الإجماع على نجاسة الكفّار ـ : حكم الناصب حكم الكفّار ؛ لأنّه ينكر ما يعلم من الدين ضرورة(٢). وكذا تُشعر بذلك عبارة المعتبر(٣) وغيره(٤) أيضاً. ومع ذلك يعاضده عدم التبادر ، وتبادر الغير. ويؤكّد ذلك أنّ منهم من حكم بكفر المخالفين لإنكاره الضروري ، ومع ذلك قال بطهارتهم ، كالفاضل ، فإنّه صرّح في زكاة المنتهى(٥) ، وشرح فصّ الياقوت(٦) : بأنّ المخالفين لإنكارهم ضروريّ الدين كفرة ، ومع ذلك هم طاهرون عنده. ولذا قيل في ردّ استدلال من يقول بنجاسة المخالفين بكفرهم : إنّه على تقدير إطلاق الكفر عليهم حقيقة
__________________
(١) العلاّمة الحلّي في تحرير الأحكام ١ / ٢٤.
(٢) المنتهى ١ / ١٦٨.
(٣) المعتبر ١ / ٩٨.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان ١ / ٢٨٣.
(٥) المنتهى ١ / ٥٢٢.
(٦) لم نعثر على هذا الكتاب.