الكاملة المشرقة المتعالية عن ظلمات القوى الجسمانية ، وأوضار القوى الطبيعية الغاذية والهاضمة والدافعة.
فكيف يخطر ببال العاقل : إثبات مناسبة بين البابين؟
وهاهنا آخر الكلام في هذه المقالة. والله أعلم.
[تمت المقالة الخامسة. والحمد لله كما هو أهله. والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه (١)] وليكن هاهنا آخر كلامنا في شرح الأحوال العالية والسافلة.
ونختم الكتاب بهذا التضرع فأقول : «أنت المتعالي عن علائق العقول والفهوم ، وأنت المقدس عن مناسبات الأعراض والجسوم ، وأنت الموصوف بأنك أنت الحي القيوم. فلا نهاية لجنودك من الروحانيات ولا غاية لأحوال عبادك من الجسمانيات. وأنت مقدس عن الاعتضاد بهذه الجنود والعساكر. وأنت الغني عن الكل في الأول وفي الآخر. فإذا كنت غنيا عنهم مع جلالة أحوالهم ، وحسن أفعالهم. فمن أين يحصل لهذه الذرة الضعيفة والنسمة النحيفة ، عند طلوع نور كبريائك؟ وكيف يمكن أن يكون له ذكر عند إشراق صفاتك وأسمائك؟ فإذا اعتبرت هذه الحالة ، ضعف رجائي ونفذ دعائي. وأما إذا اعتبرت أنك عاملت الكل بالرحمة مع الاستغناء عنهم ، وأمطرت عليهم سحائب الرحمة مع عدم الاحتياج إليهم. فعند هذا أقول : يا أيها الموصوف بالأزلية والقدم. ويا أيها المتعالي عن قبول الفناء والعدم : إن أعطيت أحدا ، لأجل أنه استحق منك تلك النعمة والرحمة ، فلا تلتفت إلى دعائي وندائي. وأما إن كان كل من فاز بنوع من الرحمة ، ووصل إلى قسط من النعمة ، فإنما وصل إليه بمحض فضلك بالخير والرحمة قبل الموت ، وعند الموت ، وبعد الموت. يا أكرم الأكرمين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا إله الأولين والآخرين».
قال مصنف الكتاب رضي الله عنه : تم هذا الكتاب بكرة يوم الاثنين.
__________________
(١) من (ط).