الفصل الأول
في
أن النفوس هل هي
متحدة في الحقيقة والماهية أم لا؟
لقد عظم اختلاف الناس في هذا الباب :
فذهب جمع عظيم من قدماء الفلاسفة : إلى أن النفوس الإنسانية والحيوانية : متساوية في تمام الماهية ، وأن اختلاف أفعالها وإدراكاتها [إنما حصل (١)] بسبب اختلاف آلاتها وأدواتها ، فلو كان دماغ سائر الحيوانات مساويا لدماغ الإنسان ، لكانت نفوس سائر الحيوانات مساوية للنفوس الإنسانية في التعقلات والتفكرات ، ولو كان لسان سائر الحيوانات ، مساويا للسان الإنسان. لكان مساويا له في قوة النطق. فهذا مذهب قال به بعض الناس.
وأما الشيخ [الرئيس (٢)] «أبو علي بن سينا» : فإنه زعم أن نفوس سائر الحيوانات قوى جسمانية ، وليست جواهر مجردة. وأما النفوس الناطقة البشرية فإنها جواهر مجردة في ذواتها. ثم زعم : أنها بأسرها متساوية في تمام الماهية والحقيقة ، ولما شاهدنا اختلاف الناس في الذكاء والبلادة ، والأخلاق الفاضلة والمذمومة. زعم (٣) : أن ذلك الاختلاف إنما حصل بسبب اختلاف الأمزجة البدنية. فمن كان صفراوي المزاج ، كان الفرح وحسن الأخلاق غالبا
__________________
(١) سقط (م).
(٢) سقط (م).
(٣) من (ل).