ويمكننا ذلك في شبحين. ولو كان الشبحان لا يتميزان في الوضع ، لوجب أن لا يبقى فرق بين الممكن والمتعذر.
واحتجوا على أن القوة الوهمية جسمانية : بأن قالوا : إنا إذا حكمنا على هذا الشخص ، بأنه صديق أو عدو. فالحاكم بهذا الحكم يجب أن يكون هو بعينه مدركا لهذا الشخص ، ولمعنى الصداقة والعداوة ، وإلا لكان ذلك التصديق حاصلا قبل التصور ، وهو محال. ولما ثبت أن المدرك لصورة هذا الشخص ، يجب أن يكون جسمانيا (١) وجب أن يكون ذلك الحاكم أيضا جسمانيا.
واحتجوا على أن القوة المحركة جسمانية : بأن قالوا : لو كان المحرك لهذه الأجسام هو النفس ، لكان ذلك التحريك حاصلا من غير توسط آلة جسمانية ، ومن غير مماسة آلة. لأن ما لا يكون جسما ، يمتنع أن يكون مماسا للجسم. ولو كان الأمر كذلك ، لوجب أن يكون الإنسان قادرا على تحريك سائر الأجسام من غير حاجة إلى شيء من الآلات الجسمانية ، ولما كان ذلك باطلا ، ثبت أن محل القوة المحركة ، هو البدن ، لا جوهر النفس.
فهذه حكاية الوجوه التي ذكروها في هذا الباب على أحسن الوجوه ، وأقربها إلى العقل، وأبعدها عن الحشو والفضول.
والجواب عما ذكروه أولا : وهو قولهم : «إنا نجد الإبصار مختصا بالعين ، والسماع مختصا بالأذن» من وجوه :
الأول : إنا نقول : كما أنا نجد هذه الحالة ، فكذلك نجد الإدراك والعلم من ناحية القلب أو الدماغ ، على اختلاف المذهبين فيه. فإن دل ما ذكرتم على أن محل القوة الباصرة هو العين ، وعلى أن محل القوة السامعة هو الأذن ، وجب أن يدل ما ذكرناه على أن محل العلم والإدراك هو القلب. وحينئذ يبطل القول بإثبات النفس.
__________________
(١) جسما (م).