فإذا حدث مزاجان دفعة [واحدة (١)] وجب أن يحدث نفسان متعلقتان بهما. ثم نسبة كل واحد من ذينك المزاجين إلى تينك النفسين على السوية ، فلم يكن تعلق إحدى النفسين ، بأحد المزاجين ، أولى من العكس. فيلزم تعلق كل واحدة [من النفسين (٢)] بكل واحد من البدنين ، وذلك يوجب القول بحصول النفسين في البدن الواحد ، وبحصول النفس الواحدة في البدنين (٣) فثبت : أن ما ألزموه من المحال فضعفه ، لازم عليهم.
فإن قالوا : هذا بناء على أنه يمكن حدوث مزاجين متساويين دفعة واحدة ، وهو ممنوع. قلنا : الجواب عنه من وجهين :
الأول : إن هذا الإلزام لا يتوقف على بيان أن المزاجين الحادثين في الوقت الواحد مثلان أو مختلفان. وذلك لأن هذا الدليل مفرع على أن النفوس الناطقة متماثلة ، وحكم الشيء حكم مثله. فكل مزاج يقبل نفسا ، وجب أن يكون قابلا لسائر النفوس. وحينئذ يعود الإلزام ، سواء قلنا : إن تلك الأمزجة متماثلة أو مختلفة.
الثاني : إن المزاج المخصوص. إنما حدث بناء على شرطين :
أحدهما : حصول أجزاء مخصوصة من العناصر الأربعة ، مقدرة بمقادير معينة.
والثاني : امتزاج تلك الأشياء واختلاطها على وجه خاص مدة معينة ، وإذا عرفت هذا فنقول : حصول أجزاء أخرى من العناصر الأربعة متقدرة بالمقادير المعينة ومختلطة على ذلك الوجه المعين : ممكن. والموقوف على الممكن ممكن. فوجب القطع بأنه يمكن حدوث مزاجين متساويين في وقت واحد. وهو المطلوب.
__________________
(١) سقط (ط) ، (ل).
(٢) من (ل).
(٣) البدن (ط).