الكبد عند الاستعداد لفعل الحس والحركة ، وتركه خاصا لفعل التغذية. فهذه الأعضاء التي تغذي (١) القلب ، إنما تغير المزاج ، فتصير الروح عديمة القوة. وهذا بالذات ، وتصير الروح أقوى قوة من القوة الباقية. وهذا بالعرض. لأن تلك القوة إنما ازدادت قوتها ، لأن القوة التي زالت كانت كالعائق لهذه القوة الباقية عن الفعل [فلما زال العائق ، كملت القوة ، لا لأنه حدث أمر زائد ، بل لأنه زال العائق. ثم قال (٢) :] وعلى هذه الحجة يصح أن يطرد القول بأن النفس واحدة.
أقول : هذا تصريح بأن جميع القوى موجودة في الروح عند ما يكون حاصلا في القلب ، وأنه لا أثر لسائر الأعضاء إلا في إزالة بعض تلك القوى.
وقال في الفصل الثامن من المقالة الخامسة من علم النفس من طبيعيات «الشفاء» : القلب مبدأ أول وتفيض منه إلى الدماغ قوى. فبعضها تتم أفعالها في الدماغ ، وأجزائه كالتخيل والتفكر ، ثم تفيض منه إلى سائر الأعضاء. وأيضا يفيض من القلب إلى الكبد قوة التغذية ، ثم منها إلى سائر الأعضاء.
أقول : هذا تصريح بأن القوى الطبيعية والنفسانية موجودة في الخارج قبل انتقال الروح إلى الدماغ والكبد ، وأن الحاجة إلى حصول الروح فيه (٣) [وفي الكبد] لظهور أفعال القوى عنها ، لا لحدوثها في أنفسها.
وهذا الوجه هو الذي اختاره في فصل الأعضاء من كتاب «القانون» فإنه قال فيه : القلب يعطي سائر الأعضاء كلها : القوى التي تغذي والتي تنمي والتي تدرك والتي تحرك.
واعلم : أنه قد تلخص من هذه الكلمات احتمالات ثلاثة في هذه المسألة لا مزيد عليها. وذلك لأن الكل اتفقوا على أن الروح الحامل للقوى النفسانية ،
__________________
(١) تفيد (م).
(٢) من (طا ، ل).
(٣) فيهما (طا ، ل).