ونظيره قوله تعالى : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) (١) ومعلوم : أن خائنة الأعين لا تكون إلا بما تضمره القلوب.
الحجة الخامسة : قوله تعالى : (جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ ، قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (٢) فخص هذه الثلاثة بإلزام الحجة بسببها ، واستدعاء الشكر عليها. وقد ذكرنا : أنه لا طائل في السمع والبصر ، إلّا بما يؤديان إلى القلب ليكون القلب قاضيا ، وحاكما فيه.
الحجة السادسة : قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ، وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً ، فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) (٣) فجعل هذه الثلاثة تمام ما ألزمهم من حجته. والمقصود من الكل : هو الفؤاد ، القاضي على كل ما يؤدي إليه السمع والبصر.
الحجة السابعة : قوله تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ، وَعَلى سَمْعِهِمْ. وَعَلى أَبْصارِهِمْ: غِشاوَةٌ) (٤) فجعل العذاب لازما لهذه الثلاثة ، ونظيره قوله تعالى : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها) (٥).
الحجة الثامنة : إنه تعالى كلما ذكر الإيمان في القرآن ، أضافه إلى القلب. كقوله تعالى : (مِنَ الَّذِينَ قالُوا : آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ ، وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (٦) وقال : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ ، وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (٧) وقال : (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ
__________________
(١) غافر ١٩.
(٢) السجدة ٩.
(٣) الأحقاف ٢٦.
(٤) البقرة ٧.
(٥) الأعراف ١٧٩.
(٦) المائدة ٤١.
(٧) النحل ١٠٦.