يشتركان في حد واحد بعينه ، وهو الآن الحاضر ، فإن الآن الحاضر نهاية للماضي ، وبداية للمستقبل ، لكن الماضي والمستقبل كل واحد منهما معدوم ، والآن الحاضر موجود ، فيلزم أن يكون أحد المعدومين وهو الماضي ، متصلا بالمعدوم الثاني ، وهو المستقبل بطرف موجود مشترك بينهما ، وهو الآن الحاضر. وذلك مما [لا يقبله (١)] العقل لأن كون أحد المعدومين متصلا بالمعدوم الآخر غير معقول ، وكون المعدوم موصوفا بطرف موجود غير معقول أيضا. وإنما قلنا : إنه لا يمكن أن يكون كما منفصلا ، لأن الكم المنفصل مركب من الوحدات ، والوحدة لا تكون قابلة للقسمة ، فوجب أن يكون الزمان مركبا من الآفات المتتالية [التي (٢)] يكون كل واحد منها غير قابل للقسمة ، لكن ذلك محال ، لأن القول به يوجب القول بكون الجسم مركبا من الأجزاء التي لا تتجزأ. وقد ثبت أن القول به محال.
الحجة العاشرة في هذا الباب : إن الزمان لو كان موجودا ، لكان إما أن يكون من لواحق الحركة ، وإما أن لا يكون كذلك. والقسمان باطلان فكان القول بوجوده باطلا.
إنما قلنا : إنه يمتنع أن يكون من لواحق الحركة لوجهين :
الأول : كان الله تعالى في الأزل موجودا ، وكان عدم هذا الشيء الذي حدث في هذا اليوم حاصلا في الأزل. فقولنا : كان ، إشارة إلى الزمان. فههنا قد حصل الزمان مع أنه لا حركة ولا تغير ، لأن وجود الله تعالى منزه عن الحركة [والتغير (٣)] ، وعدم هذا الحادث اليومي كان مبرأ [أيضا (٤)] عن التغير في الأزل.
والثاني : وهو أن الحركة مفتقرة في تقررها وتحققها إلى الزمان ، لأن الحركة عبارة عن حدوث أمر بعد أن كان بخلافه ، وهذه البعدية إشارة إلى
__________________
(١) يقبله (ط).
(٢) سقط (ط).
(٣) سقط (ط) ، (س).
(٤) من (ط ، س).