الفصل الثاني
في
ابطال قول من يقول :
الخلاء والفضاء عدم محض ونفي صرف
اعلم أنا ندعي أن هذا الخلاء لو حصل لكان موجودا ، له مقدار وامتداد في الجهات، ولم يكن عدما محضا ، ونفيا صرفا. كما يقوله المتكلمون.
والذي يدل عليه وجوه :
الأول : إنا نعلم بالبديهة أن الخلاء الذي يكون بمقدار ذراع ، نصف الخلاء الذي يكون بمقدار ذراعين ، وثلث ما يكون بمقدار ثلاثة [أذرع ، وربع ما يكون بمقدار أربعة أذرع (١)] وكل ما يكون له نصف وثلث وربع يكون ممسوحا مقدرا ، فإنه لا يكون نفيا محضا وعدما صرفا. فإن من المعلوم بالضرورة أن العدم المحض لا يكون له نصف وثلث وربع ولا يكون موصوفا بالأقل والأكثر والزائد والناقص ، والمساحة والتقدير.
والثاني : إن الفضاء يمكن أن يشار إليه بالحس. فيقال : الخلاء من هاهنا الى هناك طوله كذا وكذا ، وما كان متعلق الإشارة الحسية يمتنع أن يكون نفيا محضا ، وعدما صرفا. وأيضا : فقولنا : من هاهنا إلى هناك إشارة إلى المقدار والطول. وهذا حكم عليه بكونه في نفسه موجودا له مقدار وامتداد.
الثالث : إن هذا الفضاء ، وهذا الخلاء ، يحكم عليه بأن الجسم حصل
__________________
(١) من (س).