لا بد له من علة. فذلك المؤثر إما أن يكون عدما ، أو وجودا. فإن كان الأول ، وهو أن يقال : المؤثر في حدوث هذه المؤثرية ، عدم ذلك الحادث السابق ، فهذا باطل. لأنه لو جاز اسناد المعلول الموجد إلى العدم المحض في بعض الصور ، فلم لا يجوز مثله في سائر الصور؟ وإذا كان كذلك ، فحينئذ لا يمكن الاستدلال بوجود شيء من الممكنات على مؤثر موجود.
وأما القسم الثاني : وهو أن يقال : تلك المؤثرية الحادثة ، لا بد لها من مؤثر موجود. فنقول : ذلك الموجود إما أن يقال : إنه هو الذي كان متقدما عليه ، أو يجب أن يكون مقارنا له [فإن كان الأول (١)] فلنجوز مثله في سائر الحوادث ، وحينئذ يلزم من تجويزه (٢) أن يقال : المقتضي لوجود كل حادث [حادث (٣)] آخر سابق [عليه (٤)]
أقصى ما في الباب أن يقال : هذا يوجب حدوث حوادث ، لا أول لها. إلا أنا نقول : هذا غير ممتنع عند جميع الفلاسفة ، بل هذا عين مذهبهم ، وصريح معتقدهم. وإذا كان الأمر كذلك ، فحينئذ لا يمكن الاستدلال بوجود هذه الممكنات على وجود واجب الوجود ، وأما إن قلنا : إن تلك المؤثرية المتجددة ، لا بد لها من مؤثر موجود يكون حاصلا معها ، فذلك (٥) المؤثر إن كان هو الذي فرضناه أثرا له ، لزم الدور ، وإن كان موجودا آخر ، لزم وقوع التسلسل (٦) في أسباب ومسببات لا نهاية لها ، تحصل دفعة واحدة ، وذلك محال. فظهر بهذا التقسيم اليقيني : أن حدوث الحوادث اليومية لا بد فيها من التزام [أحد (٧)] أمور خمسة :
__________________
(١) سقط (ط ، س).
(٢) يلزم تجويز أن (ط).
(٣) من (ط ، س).
(٤) كم (س).
(٥) وذلك (ت).
(٦) من (ط).
(٧) من (ت).