التغيرات [البتة (١)] ومعلوم : أن ذلك باطل.
قالت الفلاسفة : الجواب عن هذا السؤال : أن المبدأ [الفياض (٢)] موجود أزلا وأبدا ، إلا أن شرط فيضان كل حادث عنه انقضاء الحادث الذي كان موجودا قبله ، فلهذا السبب قلنا : إنه يجب أن يكون كل حادث مسبوقا بحادث آخر ، لا إلى [أول (٣)] والعلة الموجودة للكل ، المؤثرة في حصول الكل هو ذلك القديم. قالوا والذي يقرر أن الأمر كذلك: أن الحركات إما طبيعية أو قسرية ، وإما إرادية. والمعنى الذي ذكرناه حاصل في الكل من هذه الأقسام الثلاثة.
ما الحركات الطبيعية ، فهي مثل نزول الحجر من فوق إلى أسفل. وتقريره. أن الموجب لذلك النزول هو الثقل الحال في جوهر الحجر ، وذلك الثقل باقي في جميع الأوقات غير متبدل إلا أن تأثيره في إيجاب كل جزء من أجزاء تلك الحركة ، مشروط بانقضاء الجزء المتقدم ، وذلك لأنه لو لا أن ذلك الجسم انتهى بحركته المتقدمة ، إلى ذلك احد المعين من المسافة ، وإلا لامتنع كون الثقل القائم به ، موجبا انتقاله من ذلك الحد المعين إلى حد آخر ، فالموجب لكل جزء من أجزاء تلك الحركة هو ذلك الثقل. أما شرط كون ذلك الثقل مؤثرا في ذلك الجزء المعين من الحركة ، هو وصوله بالجزء المتقدم من الحركة إلى ذلك الجزء المعين من المسافة. وأما الحركات القسرية ، فالأمر أيضا كذلك ، وذلك لأن الإنسان إذا رمى الحجر إلى فوق ، فقد أودع فيه قوة توجب صعود ذلك الحجر إلى فوق قسرا ، فالموجب لجميع أجزاء تلك الحركة ، إلا أن تأثير القوة في الجزء المعين من تلك الحركة ، مشروط بانتهائه بالجزء المتقدم من الحركة ، إلى ذلك الحد المعين ، وأما في الحركات الاختيارية ، فالأمر أيضا كذلك. لأن الإنسان إذا أراد أن يذهب إلى البلد الفلاني ليجد غريمه فيطالبه بالدين.
__________________
(١) من (ط ، س).
(٢) من (ط).
(٣) من (ت)