الطيبات الجسمانية ، جرى مجرى ما إذا تناول قدحا عظيما من الشراب المسكر ، فيصير كالسكران الطافح ، المخبل الغافل. ثم بعد انقضاء ساعة طويلة ربما عاد إليه نور العقل ، فيظهر للنفس قبائح هذا الشراب ، وفضائحه في تلك اللحظة اللطيفة ، ثم ربما ظهر له اشتغال بنوع آخر من هذه اللذات الجسمانية ، فيكون [ذلك (١)] كما إذا فتح السكران عينه لحظة ، ورأى بعض الأشياء ، وسمع بعضها. ثم إنه في الحال تناول قدحا آخر ، فعاد إلى غيبته المتقدمة ، وغفلته الأولى.
فهذا شرح عشق النفس على البدن ، ولا شك أن من تأمل فيه ، علم أن الأمر كذلك».
السؤال السادس : إنه [إن ماتت (٢)] إلى متى يبقى هذا التركيب الفاسد الباطل؟
أجاب عنه : «هذه النفوس العاشقة على [هذه (٣)] الهيولى ، إذا ماتت مع [بقاء (٤)] هذا العشق ، عادت إلى التعلق ببدن آخر ، ولا يزال يتكرر من بدن إلى بدن. حتى يتعلق ببدن خاص ، واتفق له في ذلك البدن إن قوي نور العقل ، وظهر له : أن العلائق الجسدانية كلها آلام في صورة لذات ، وجراحات في حلية راحات ، فحينئذ ينفر طبعه عنها ، ولا يبقى له ميل إليها ، فحينئذ يفارق هذه النفس على نفرة من هذه الجسمانيات ، وعلى رغبة في تلك الروحانيات. وحينئذ لا تعود [تلك (٥)] النفس بعد ذلك إلى التعلق بالبدن. ثم لا يزال يبقى هذا التكرر ، دورا بعد دور ، حتى تنكشف هذه الحقيقة لجميع النفوس المتعلقة بالأجساد ، فتصير النفوس بأسرها ، مفارقة للأجساد بأسرها ، وينحل التركيب ، وتقوم القيامة الكبرى ، ويعود الأمر
__________________
(١) من (ط).
(٢) من (ط).
(٣) من (ت).
(٤) من (ط).
(٥) من (ت).