وإذا ثبت هذا
فنقول : احتياج هذه الأشياء إلى الفاعل المختار ، إما أن تكون في حال وجودها ، أو
في حال عدمها. [فإن كان حال وجودها ] فإما أن يكون حال بقائها ، أو حال حدوثها. والأول باطل
لأنه يقتضي تكوين الكائن ، وإنه محال. فبقي القسمان الآخران. وذلك يقتضي : أن كل
ما كان محتاجا إلى المؤثر ، فهو محدث. فيثبت : أن ما سوى الواحد : ممكن. وثبت : أن
كل ممكن محدث ، فيلزم : أن كل ما سوى الواحد: محدث. وهو المطلوب.
واعلم : أن الكلام في مقدمات هذا الدليل ، قد تقدم في هذا الكتاب بالاستقصاء. فلا
حاجة إلى الإعادة.
الحجة العاشرة : لو كان الجسم أزليا ، لكان كونه أزليا. إما أن يكون نفس كونه جسميا أو
مغايرا له. والقسمان باطلان ، فبطل القول بكونه أزليا.
أما بيان بطلان
الأول. فلأنه لو كان كذلك ، لكان العلم بكونه جسما ، هو عين العلم بكونه أزليا ،
فكما أن العلم بكونه جسما ضروريا ، وجب أن يكون العلم بكونه أزليا ضروريا.
وبيان بطلان الثاني : إن حدوثه لو كان زائدا ، لكان ذلك الزائد [إن كان ] قديما ، لزم أن تكون صفة المحدث قديمة ، وإن كان حادثا ،
لزم التسلسل وهو محال.
واعلم : أنه سبق
نظير هذا الكلام في الباب المتقدم.
الحجة الحادية عشر : لو كان الجسم قديما
، لكان مشاركا لذات الله
[تعالى ] في القدم. فنقول : القدم صفة ثابتة. لأنه عبارة عن نفي [العدم
السابق ، ونفي النفي ثبوت ، فالقديم أمر ثابت. فإن قالوا : لم لا يجوز أن يقال :
__________________