يخلق الحيوان والنبات عن مواد سابقة عليها. وأيضا : فلعل تخليق الحيوان والنبات على هذا الوجه أصلح للمكلفين ، فلهذا السبب اختار الله [تعالى (١)] تخليق هذه الأشياء في هذا العالم على هذا الوجه [والله أعلم (٢)]
والجواب :
أما قوله : «إن حدوث الشيء (٣) لا من الشيء غير معقول» قلنا : المراد من هذه المقدمة هو أنه لا بد من ذات سابقة على حدوث الشيء ، يحصل فيها استعداد حدوثه ، سواء كانت تلك الذوات (٤) قبل حدوث هذه الصفة : موصوفة بصفة أخرى ، أو لم تكن كذلك. وظاهر : أن هذا المعنى معقول ، وغير باطل في بديهة العقل ، بل كأن بديهة العقل شاهدة بصحة هذا المعنى ، فإنه لا بد من سبق وجود الحديد ، حتى يصير فيه استعداد قبول الصورة السيفية [ولا بد من سبق وجود الذهب ، حتى يحصل فيه استعداد قبول الصورة الخاتمية (٥)] ولا بد من سبق الطين حتى يحصل فيه استعداد قبول (٦) الصورة الكوزية.
وأما قوله ثانيا : «إن هذا المعنى منقوض بحدوث الأعراض» فنقول : هذا ضعيف. لأن الاعتماد في تقرير هذه الحجة : على حكم بديهة العقل. فيجب أن نتعرف عن كيفية ذلك [الحكم (٧)] فنقول : إنا إذا عرضنا على العقل : أنه هل حدثت هذه الدار ابتداء ، من غير وجود التراب والخشب والحجر؟ فإنا نجد جميع العقلاء جازمين بامتناعه ، مستبعدين لوقوعه. أما إذا عرضنا على العقل : أنه هل يجوز أن تجتمع هذه الأجسام ، وتحدث فيها الهيئة المخصوصة التي للدار؟ فإنا وجدناهم قاطعين بجواز ذلك. وإذا كان التعويل
__________________
(١) من (ت)
(٢) من (ت)
(٣) الشيء من الشيء (ط ، س)
(٤) الذات (ط)
(٥) من (س)
(٦) حصول (ط)
(٧) من (ت)