بمجرد تلك الإرادة الأولى لا يصير قاصدا لإيقاع ذلك الفعل ، في ذلك الوقت. ولو كان العزم على أن يفعل الفعل الفلاني في الوقت المستقبل ، هو نفس القصد إلى إيقاع ذلك الفعل عند حضور ذلك الوقت ، لوجب (١) في هذه الصورة التي ذكرناها : أن يصير قاصدا إلى إيقاع ذلك الفعل ، عند حضور ذلك الوقت ، سواء علم أن ذلك الوقت حضر ، أو لم يعلم ذلك. ولما لم يكن الأمر كذلك ، علمنا : أن العزم على الفعل [الفلاني (٢)] في الوقت المعين ، من الأوقات المستقبلية : ليس هو [نفس (٣)] القصد إلى إيقاع ذلك الفعل في ذلك الوقت. بل الحق أنه إذا عزم [على (٤)] أن يفعل الفعل الفلاني ، في وقت معين من الأوقات المستقبلة ، ثم استمر ذلك العزم [الأول (٥)] إلى أن حضر ذلك الوقت ، وعلم ذلك العازم ، حضور ذلك الوقت. فإن بقاء العزم [الأول (٦) مع العلم بحضور ذلك الوقت: يوجبان حدوث قصد متعلق ، بإيقاع ذلك الفعل.
فيثبت : أن العزم المتقدم ، لا يكفي في إيقاع الفعل في الوقت الذي سيحضر ، بل لا بد من حدوث قصد متعلق بإيقاع ذلك الفعل. الثاني : إن العزم على الإيجاد في الزمان المستقبل : له ماهية. والقصد إلى إيجاد الفعل في الحال (٧) : له ماهية أخرى. إحدى الماهيتين لا تساوي الأخرى (٨) بدليل أن كل واحدة من هاتين الماهيتين ، لا تقوم مقام الأخرى. فإن العزم على الإيجاد في المستقبل ، يوجب تركه في الحال. وفعله في المستقبل ، والقصد إلى الفعل في الحال ، يوجب الفعل في الحال ، والترك في المستقبل. فهذان النوعان من الإرادة ولوازمها متنافية. واختلاف اللوازم ، يدل على اختلاف [ماهيات] (٩) الملزومات. وإذا ثبت هذا ، كان القول بأن العزم على الإيجاد في المستقبل ، يصير غير (١٠) القصد إلى الإيجاد في الحال : معناه : أن
__________________
(١) يوجب (ت)
(٦) من (ت)
(٢) من (ط)
(٧) الحادثة (ط ، س)
(٣) من (ط ، س)
(٨) لا يساوي الآخر (ت)
(٤) من (ت)
(٩) من (ت)
(٥) من (ط)
(١٠) عين (ط)