الله تعالى [فهذا
مجموع دلائل القاطعين بامتناع رؤية الله تعالى ].
واعلم : أن هذه
الوجوه خسيسة ضعيفة جدا أما الوجه الأول فالاعتراض عليه من وجوه : الأول : إنا لا
نسلم أن عند حصول الشرائط الثمانية يجب حصول الابصار ، ويدل عليه وجوه : الأول :
إنا إذا وضعنا على الطبق منّا من الدقيق ، فإنا نراه ، ونقول : ذلك الدقيق عبارة
عن تلك الذرات الصغيرة المتلاصقة. فرؤية الدقيق عبارة عن رؤية مجموع تلك الذرات ،
ورؤية ذلك المجموع عبارة عن رؤية كل واحد من تلك الذرات مع الأخرى ، ونقول : إما
أن تكون رؤية كل واحدة من تلك الذرات موقوفة على رؤية الذرة الأخرى وحينئذ يلزم
منه الدور ، وإما أن تتوقف رؤية إحدى الذرتين على رؤية الذرة الأخرى ، ولا تتوقف
رؤية الذرة الثانية على رؤية الذرة الأولى ، وذلك محال. لأن تلك الذرات متساوية في
تمام الماهية ، فتوقيف أحد الجانبين على الجانب الآخر من غير عكس ، يكون حكما
بترجيح الممكن من غير مرجح. وهو محال. وإما أن يكون الحق هو أن رؤية كل واحدة من
تلك الذرات غير موقوفة على رؤية الذرة الأخرى ، وإذا كان الحق هو هذا القسم وجب
الحكم بأنه تصح رؤية كل واحدة منهما حال انفرادها عن كل ما سواها مع أنا لا نراها
، وذلك يوجب القطع بأنه لا يلزم من كون الشيء صحيح الرؤية ، مع سائر الشرائط :
وجوب رؤيته. السؤال الثاني : سلمنا هذا الوجوب في رؤية الأجسام والأعراض ، فلم
قلتم : بأنه لما وجبت رؤية الأجسام والأعراض عند اجتماع هذه الشرائط الثمانية ،
وجب حصول رؤية الله تعالى عند اجتماعها؟ وبيانه : أن بتقدير جواز رؤية الله تعالى
، فإن رؤيته تكون مخالفة بالماهية لرؤية الأجسام والأعراض ، ولا يلزم من ثبوت حكم
في ماهية ، ثبوت مثل ذلك الحكم فيما يخالف تلك الماهية ، فعلى هذا لا يلزم من وجوب
رؤية الأجسام والأعراض عند اجتماع هذه الشرائط ، وجوب رؤية الله تعالى عند اجتماع
هذه الشرائط. وهذا سؤال ظاهر قوي ، وأنا شديد
__________________