الفصل الرابع
في
إقامة الدلائل على أنه يمتنع كونه جوهرا
اعلم : أن الجوهر قد يراد به أحد أمور أربعة : الأول : إنه المتحيز الذي لا يقبل القسمة. وهو بناء على إثبات الجوهر الفرد ، ومن لم يقل به ، يسقط عنه هذا البحث ، ومن قال به قال : إن الجواهر كلها متماثلة ، فلو كان واحد منها قديما ، واجب الوجود لذاته ، كانت كلها كذلك. وهو محال. والتفسير الثاني للجوهر : إنه الذي يصح طريان الأعراض عليه. فإذا دللنا على أن واجب الوجود لذاته ، يجب أن يكون واجب الوجود في جميع صفاته ، كان ذلك دليلا على امتناع التغير عليه. والتفسير الثالث للجوهر : هو الذي يضاف إليه شيء آخر ، فيحصل من تركيبه مع غيره شيء ثالث. وذلك أيضا محال لأن تركيبه مع غيره موقوف على كونه متحيزا في نفسه ، وذلك محال. والتفسير الرابع : قال الشيخ الرئيس أبو علي : «الجوهر هو الماهية التي إذا وجدت في الأعيان كانت لا في موضع». وقد بالغنا في شرح هذا التعريف في باب الجوهر والعرض ، إلّا أن هذا التعريف لا يصدق إلّا على الماهية التي يكون وجودها مغايرا لماهيتها. قال الشيخ الرئيس : «وهذا في حق الله محال». لأنا قد دللنا : على أن وجود الله تعالى عين ماهيته.
وأعلم أن هذه المسألة قد تقدم القول فيها على الاستقصاء. وهو بحث