الفصل السابع
في
الجواب عن تلك الشبهات
أما الجواب عن الشبهة الأولى والثانية : فقد تقدم في الفصل الأول على سبيل الاستقصاء. وذلك لأن قولنا : إن إثبات موجود لا يحصل في داخل العالم ولا في خارجه : محال ، إما أن يكون العلم بامتناع هذا القسم علما ضروريا ، أو استدلاليا. وبطل كونه ضروريا للوجوه الكثيرة المذكورة فوجب أن يكون استدلاليا. لكن صحة الدلائل التي ذكرتموها موقوفة على إبطال هذا ، فلو ثبت إبطال هذه المقدمة ، بتلك الدلائل ، لزم الدور ، وهذا هو الجواب المعتمد الذي يعول عليه.
وأما الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا فإنه سلم : أن الجزم بهذه المقدمة حاصل إلا أنه زعم : أن الجازم بهذه المقدمة هو الوهم لا العقل ، وزعم أن حكم الوهم في غير المحسوسات (١)] باطل غير ملتفت إليه.
ولقائل أن يقول : أتسلمون أن الجزم الحاصل بصحة هذه المقدمة يساوي الجزم الحاصل بالقضايا البديهية الأولية ، أو لا تعترفون؟ فإن كان الحق هو الثاني ، وهو أن الجزم الحاصل في هذه المقدمة أضعف من الجزم الحاصل في البديهيات ، فحينئذ يفتقر الجزم بهذه المقدمة [إلى الدلائل المنفصلة وعند هذا
__________________
(١) انظر التعليق رقم ٧ ورقم ٧ مكرر في الفصل الخامس. وبعد كلمة المحسوسات في (س) : العاجز عن الانتقال والحركة ... الخ أي يوجد تقديم وتأخير. وقد ضبطناه من الفصل الخامس.